من يدعم وكيف ندعم صناعتنا ؟
بادر موقع الصناعي السوري منذ اطلاقه بالدعوة لحملة وطنية لدعم الصناعة السورية، وقد لاقت هذه الدعوة اهتمام وتقدير عدد من الصناعيين والمهتمين بالشأن الصناعي من الخبراء والاستشاريين …وحتى تتم بلورة مقترحات ملموسة بأولويات محددة لوضع هذه المبادرة موضع التنفيذ، لابد من الحوار والمناقشة حول مضمون ومتطلبات هذه الحملة بين المعنيين بالشأن الصناعي بغض النظر عن مواقع عملهم ودورهم بمشاركة الجمعيات الأهلية حتى لاتأخذ هذه المبادرة الطابع الرسمي وهو ما نطرحه بشكل أولي فيما يلي:
دعم الصناعية الوطنية مسألة ثلاثية الأطراف طرفها الأول المستهلك، والثاني الصناعي، والثالث الجهات الحكومية المعنية، وبالتالي فإنه لايمكن أن يتم تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال دون تنسيق وتكامل حاجات وأولويات هذه الأطراف.
المستهلك السوري وعلى الرغم من الظروف القاسية وغير المسبوقة التي يعيشها في هذه المرحلة من كافة النواحي الأمنية والحياتية والاقتصادية وبالقسم الضئيل المستمر بالتراجع سواءً في دخله الأسمي أو في القوة الشرائية الفعلية لهذا الدخل، يمكن أن يساهم في دعم الصناعة الوطنية من خلال شرائه المنتج الوطني وفهمه وتقديره لأثر هذا السلوك ليس في المحافظة على ما تبقى من الصناعة السورية وإعادة تنشيطها وحسب، بل في تحريك القطاعات الانتاجية والخدمية المرتبطة أمامياً وخلفيا بالصناعة وفي مقدمتها التشغيل وسد حاجة السوق المحلية والعديد من النتائج الايجابية الأخرى … وهناك مسألة أخرى هامة لايعيرها المستهلك السوري الاهتمام الكافي وهي تزويد الصناعي المنتج برأيه وملاحظاته ومقترحاته لتحسين وتطوير المنتج الوطني الذي يستخدمه من كافة النواحي، بحيث يكون هذا المنتج أكثر تلبية لحاجات ورغبة المستهلك.
الصناعي السوري الذي يلملم جراحه ودمار وخراب مصنعه ويعمل في الدكاكين والبيوت بما قد تبقى من مصنعه أو ما استطاع انقاذه منه وبدأ يتكيف شيئاً فشيئاً مع ظروف الأزمة على أمل الانفراج القريب، هو الجانب المهم في هذه العملية وبشكل خاص في مسألة توفير التمويل اللازم سواءً لإعادة تأهيل مصنعه وشراء الآلات والتجهيزات التي توفر الحد الأدنى لبدء التشغيل أو في توفير السيولة اللازمة لرأسماله العامل. وهذا يتطلب جهوداً كبيرة في ابتكار الأدوات التي تمكنه من ذلك خاصةً في ظل ضعف امكانيات الحكومة في توفير التمويل المطلوب في هذا المجال وقد اقترحنا في ( كلمة تقال ) السابقة عدة مقترحات في هذا المجال يمكن للصناعي أن يتحرك ضمنها على التوازي مع ما يمكن تحصيله من تعويض أو تسهيلات حكومية، مثل مشاركة الأهل والأصدقاء وبحث امكانية تسديد قيمة الآلات بنسبة من الانتاج أو في تحويل شكل الملكية… . إلا أن هناك مسألة هامة جداً يجب ألا تغيب عن الصناعي السوري خاصةً في ظل انفتاح الأسواق وهي أن حملة دعم الصناعة الوطنية يجب أن تترافق بالتزامه بموضوع الجودة والسعر المناسب وتسهيلات الشراء وخدمة ما بعد البيع لإعادة الثقة بالمنتج الوطني وتعزيزها وبالدورالاجتماعي للصناعيين تجسيداً لتحقيق التوازن المطلوب بين حقوق الصناعي وواجباته، وهذه أمور كانت نخبة متميزة من الصناعيين السوريين تقوم بها ونأمل أن تنتقل عدواها إلى شرائح أوسع منهم.
أما الجانب الأكثر أهميةً فهو الجهات الحكومية المعنية والمتعددة ذات العلاقة بالشأن الصناعي فإن المطلوب منها أولاً هو الحد الأدنى من التنسيق في الاجراءات والقرارات في هذه المرحلة وتجنب التعارض فيما بينها وألا تطلب أو تتوقع من الصناعي القيام نيابةً عنها فيما يجب عليها القيام به. معروف أن تلبية كافة احتياجات الصناعي من التمويل في ظل التراجع الكبير في الايرادات العامة مسألة ليست سهلة أو حتى ممكنة في الظروف الراهنة، لكن دوران عجلة الانتاج سيساهم في توفير موارد متزايدة ويخفف أعباء قائمة سواءً في توفير السلع المحلية أو في تخفيف حدة البطالة، وهنا يأتي دور التوافق على الأولويات بين الصناعيين وممثليهم الحقيقييين والجهات الحكومية المعنية بعيداً عن حالة تفصيل القرارات والتسهيلات على مقياس هذا أو ذاك كما اعتدنا في كثير من الأحيان وما نزال. الشيء الهام الآخر الذي يمكن بل يجب على الجهات المعنية القيام به هو عدم إضافة أعباء جديدة على الصناعي بدءاً بمسألة محطات تحويل الكهرباء مروراً بأسعار المحروقات وصولاً إلى فتح الاعتمادات وانتهاءً بتسهيل مرور العمال والانتاج ومستلزماته ووضع حد لحالات الفساد والابتزاز في عدد من الحواجز التي أصبحت معروفة للقاصي والداني في هذا المجال. فإذا لم يكن لدى الجهات الحكومية المعنية ما يكفي من المال حالياً لسد حاجة ومتطلبات الصناعيين فإن المطلوب منها بل وواجبها – على الأقل – عدم إضافة عقبات جديدة أمامهم وخاصةً لأولئك الذين استطاعوا (لملمة أوضاعهم) في الحد الأدنى لمعاودة العمل والانتاج. من هنا نقول إذا كنا نسر ونتفاءل من التصريحات متعددة المصادر حول معاودة أعداد متزايدة من المنشآت الصناعية في حلب وريف دمشق وغيرها للانتاج، فإن على الجهات المعنية عدم إصابة هؤلاء الصناعيين والمتفائلين الآخرين بالإحباط بقرارات واجراءات ضررها المستقبلي أكثر من فائدتها الحالية إن كان منها فائدة.
التعليقات الجديده