حتى لا نخسر صناعتنا النسيجية
تتمتع الصناعات النسيجية السورية بميزة هامة قلما توجد في بلد آخر بسبب توفر كافة حلقات انتاج هذه الصناعة فيها من انتاج القطن إلى الغزل والنسيج والصباغة والتحضير وصولاً إلى الملبوسات بكافة أنواعها، رغم معاناتها من عدم التناسب بين كميات انتاج بعض الحلقات وطاقة انتاج حلقات سلسلة الانتاج اللاحقة كما كان موجوداًً بين انتاج القطن وطاقة الحلج، وبين طاقة الحلج والغزل وبينه وبين انتاج المنسوجات ما كان يؤدي إلى تصدير القطن المحلوج أو الغزل كمادة خام وبالتالي خسارة القيمة المضافة التي كان من الممكن تحقيقها من خلال تصنيع هذين المنتجين في حلقة انتاجية أعلى (نسيج أو ملابس).
أدت الأزمة الحالية إلى تراجع كبير في انتاج وتسويق القطن الخام وإلى تدمير وتخريب عدد من المحالج ومعامل الغزل ما أدى إلى نقص كبير في توفير هاتين المادتين للمعامل العامة والخاصة والاضطرار إلى السماح بالاستيراد المشروط أو / و التشغيل للغير، كما حصل في أربع من شركات الغزل العامة (جبلة واللاذقية وإدلب وحماة) التي اتفقت مع مستثمرين من القطاع الخاص على غزل الأقطان التي يقدمونها مقابل عائد يساهم في تمويل احتياجات هذه الشركات من أجور وغيرها حيث من المقدر أن يبلغ الانتاج وفق الاتفاقيات الموقعة كما أعلن نحو عشرة آلاف طن.
الاجراءات التي تمت حتى الآن لمعالجة نقص مادة القطن والغزول القطنية (سواء ما تم تسويقه وانتاجه من قبل القطاع العام أو التشغيل للقطاع الخاص) حلول جزئية لا تلبي سوى نسبة من حاجة الصناعيين في قطاع النسيج، خاصة مع استمرار وزارة الصناعة بالاصرار على تسعير بيع الغزل المنتج في شركات القطاع العام للصناعيين بالأسعار العالمية مضافاً إليها 10% كأجور نقل وغيرها.. وهو أمر لا يتقبله الصناعيون لأنه يؤدي عمليا إلى فرض سعر أعلى من الأسعار العالمية يدعون بأنه يزيد بحوالي 20% . كما أن اضافة 10% على السعر العالمي لانتاج القطاع العام كأجورنقل غير منطقي لآن الشركات العامة المنتجة للغزل كانت ولا تزال تبيع منتجها أرض المعمل ومن المفروض أن يشكل الوفر الحاصل بأجور النقل الخارجي ميزة تستفيد منها الشركات التي تشتري الغزول المحلية لزيادة قدرتها التنافسية أو على الأقل تتقاسمها مع الشركات العامة المنتجة للغزول آخذين بعين الاعتبار الأعباء الاضافية في عملية النقل والتأمين المفروضة على المستورد السوري نتيجة الحصار والمقاطعة وكذلك تكاليف النقل الداخلي بسبب الأوضاع الأمنية وارتفاع أسعار المازوت.
الأمور لاتتوقف عند هذه الأمور بل تتعداها إلى انتشار ظاهرة التهريب وتحويل السوق السورية إلى منفذ بيع للستوكات من المنتجات الأجنبية من بلدان معروفة لن يحدها – كما يأمل البعض- تخفيض الرسوم الجمركية على الملابس الجاهزة بل سيؤدي – وكما هو متوقع – إلى اضافة عبء جديد ومنافسة غير عادلة للصناعات النسيجية السورية وتهديد ما تبقى منها بالتوقف أو/ و التحول إلى استيراد المنتجات الجاهزة أو الانتقال إلى بلد آخر.
التمترس في المواقف والاصرار على فرض الأمر الواقع لا ولن يفيد هذه الصناعة الهامة خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، والمطلوب التوافق المنطقي والمشترك على البحث عن حلول واجراءات اسعافية – قبل فوات الأوان – تحول دون فقدان هذا الصناعات دورها وأهميتها في الصناعة الوطنية والاقتصاد الوطني وكما نؤكد دوماً دون تفصيل هذه القرارات لصالح هذا أو ذاك.
التعليقات الجديده