أبريل 04, 2015 كلمة تقال 0 تعليقات

مهام تنتظر التنفيذ …..

تواجه الصناعة السورية في هذه المرحلة مهمة كبيرة مزدوجة تتمثل أولاً بإعادة التأهيل والتشغيل والعودة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، وثانياً استدراك مافات هذه الصناعة من فرص النمو التي كان من الممكن تحقيقها خلال السنوات الأربع الماضية  لولا حدوث الأزمة.

هذه المهمة الكبيرة ليست هينة ولاسهلة المنال في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عن الأزمة وانعكست على حياة كافة السوريين وأعمالهم، خاصة اذا ما ارتبطت بمهمة أخرى تتكامل معها وهي الاستفادة من فرصة ما حدث لإعادة توطين وتأهيل وتحديث الصناعة السورية بشقيها العام والخاص، وهي مهمة أساسية وضرورية لايجوز تأجيلها أو تجاوزها.

وعليه ليس المطلوب إعادة الصناعة السورية لوضع ما قبل الأزمة فقط لأن وضعها آنذاك لم يكن مريحاً ولم يكن بامكانه زيادة قدرتها التنافسية سواءً أمام المنتجات المستوردة أو في النفاذ للأسواق المستهدفة، وانما المطلوب أيضاً تلبية حاجتها لبرنامج شامل للتحديث والتطوير تتكامل فيه الأدوار بين المستوى الكلي ( السياسات  الحكومية ) والمستوى المتوسط ( المؤسسات الداعمة التدريبية والاستشارية وغيرها ..العامة والخاصة ) والمستوى الجزئي ( المنشآت الصناعية ).

هذه المهام هي بالتأكيد أكبر من القدرات والامكانيات المالية والتنظيمية والفنية المنفردة للجهات الحكومية والخاصة سواءً غرف الصناعة والتجارة أو الاتحادات الأخرى، وبالتالي لابد من فرق عمل قطاعية متخصصة من هذه الجهات ومجموعة من الخبراء المختصين لوضع الخطط والبرامج وتحديد الأولويات حسب الامكانيات والضرورة والأهمية للبحث عن مصادر لتمويلها وتنفيذها ضمن برنامج متكامل لإعادة الاعمار، على أن تنجز وتناقش نتائج عمل هذه الفرق في أقرب وقت ممكن في مؤتمر عام أو في ورشات عمل متخصصة يشارك فيها، إلى جانب هذه الجهات، الصناعيون والخبراء وجهات التمويل والمؤسسات الداعمة القائمة المختصة بالتدريب والتأهيل والمواصفات والاختبارات والجودة وجمعية العلوم الاقتصادية السورية والجمعيات الأهلية الأخرى ذات العلاقة.

وفي عملية الدراسة والمناقشة من قبل هذه الفرق وغيرها ، من الضروري والمفيد الرجوع إلى الدروس المستفادة من تجارب الدول الأخرى التي مرت بظروف مشابهة ولو قليلاً لظروفنا الحالية، وكذلك الرجوع  إلى المحاولات العديدة التي سبق أن بذلت في مجال التحديث والتطوير الصناعي قبل وأثناء الأزمة. فهناك جهود محلية واقليمية ودولية بذلت خلال السنوات السابقة من أجل تحديث وتطوير الصناعة السورية بعضها نجح وبعضها الآخر تعثر وبعضها أهمل أو تم وأده لأسباب غير موضوعية وبذرائع واهية تؤكد جميعها الحاجة الماسة لتنفيذ هذه البرامج التي كان يتضمن بعضها رفع قدرات العاملين في الجهات العامة والخاصة المعنية حتى يتم اتقان التعامل في مجالات التعاون الفني مع الجهات الداعمة والمانحة بفعالية وبشكل يبين لهذه الجهات كفاءة وقدرة الجهات الوطنية المستفيدة في اقتراح واختيار وتنفيذ ومتابعة برامج التعاون الفني معها وفي ذات الوقت المساهمة في تعظيم الاستفادة من هذه البرامج ووضع حد للازدواجية والتعارض فيما بينها وضعف المتابعة والتنسيق بين الجهات المعنية في هذا المجال.

لذلك فإنه في عملية البحث عما يجب القيام به في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة من المفيد أولاً نفض الغبار عن الدراسات التي تمت ومراجعتها وتحديث ما يجب منها لتكون أداة بين ايدي كل من يرغب جدياً في تطوير الصناعة السورية وتمكينها من الخروج من أزمتها بكفاءة ومهارة السوريين صناعيين وعمال وفنيين واستشاريين.

مسؤول كبير في وزارة الصناعة قال ذات مرة لخبراء إحدى المنظمات المتخصصة التي قامت باجراء دراسة عن القطاع الصناعي في سورية ( ما ورد في هذه الدراسة نعرفه جيداً ولم تأتنا  بشيء جديد ؟!! ). فريق الخبراء صدم بهذا القول ليس لأنه لم يقدم شيئاً جديداً في الدراسة التي أعدها ولأن هذا المسؤول بالتأكيد لم يقرأ الدراسة أو أن من يقرأ عنه اطلع عليها ولم يستوعب ما جاء فيها، بل لأن مثل هذا القول يمثل فضيحة تدين هذا المسؤول وأمثاله… فإذا كان ما ورد في هذه الدراسة سبق أن ورد في دراسة أخرى فهذا يعني التأكيد على أهميتها من أكثر من طرف وبالتالي ضرورة تنفيذها، كما أنه اذا كان ما توصلت اليه هذه الدراسات وغيرها معروف كما زعم ذلك المسؤول  فلماذا لم يتم تنفيذه حتى الآن ؟؟؟

الجميع في سورية الجريحة اليوم يدرك أن وضعها الاستثنائي ومنها الصناعة يحتاج إلى قيادات واجراءات استثنائية وهذه لايمكن الوصول اليها من خلال رؤية أحادية من زاوية ضيقة بل من خلال رؤية عريضة قوامها الأساسي فرق العمل المتخصصة المؤهلة وذات الصلاحيات .