نحو حملة وطنية لتشجيع الصناعة الوطنية
أدت الأزمة التي تعيشها سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى نتائج كارثية على المنشآت الصناعة السورية التي إن سلمت من التدمير والسرقة فإنها لم تسلم من صعوبة ظروف الانتاج سواءً في الوصول إلى مواقع العمل أو في تأمين المواد الأولية أو توفير الطاقة أو في نقل المنتج الجاهز إلى السوق الداخلية، أو التصدير بسبب الارتفاع الكبير في النفقات المنظورة وغير المنظورة. الأمر الذي يجعل من الصعب عكس كل هذه التكاليف على سعر المنتج أمام المنافسة مع منتجات مستوردة تنتج في البلدان المصدرة بشروط وظروف أفضل وبدعم متعدد الأشكال والأنواع معلن وغير معلن. وبذلك أضافت الأوضاع الحالية المزيد من الصعوبات التي واجهتها الصناعة السورية قبل الأزمة والمتمثلة بتحرير متسرع للتجارة الخارجية وضعف اجراءات مكافحة مختلف أساليب التلاعب في قيمة ومصدر البضائع المستوردة من البلدان التي تتمتع منتجاتها بالإعفاءات من الرسوم الجمركية، إضافة إلى التأخر في عملية تحديث الصناعة ومحدودية عدد الشركات التي اتبعت هذا النهج. معروف أنه لم ولا توجد بلد في العالم لا يقدم الحماية لصناعته ومنتجاته الوطنية. والأمثلة على ذلك كثيرة منها موقف الاتحاد الأوروبي من المنتجات الزراعية في بلدان المغرب العربي وموقف أمريكا من الفولاذ الأوروبي وموقف العديد من دول العالم من قيمة العملة الصينية وأمثلة كثيرة لا يمكن حصرها تؤكد هذه الحقيقة وإن بتسميات وأساليب مباشرة وغير مباشرة. في ظل الأوضاع الحالية أولاً وفي مرحلة ما بعد الأزمة التي نأمل أن تأتي قريباً ومن أجل المساهمة في إعادة الحياة والنشاط للصناعة الوطنية مطلوب إطلاق حملة وطنية لتشجيع وحث المواطنين على دعم الصناعة الوطنية بشراء المنتج الوطني، وبيان الدور الايجابي لهذه الحملة في معالجة آثار الأزمة اقتصادياً واجتماعياً. تشجيع الصناعة الوطنية عنصر أساسي في تشغيل اليد العاملة وتصنيع المنتجات الزراعية وتوفير القطع الأجنبي وإعادة دورة الانتاج والاستهلاك في قطاع النقل ومختلف قطاعات الاقتصاد الوطني المادية والخدمية الأخرى وتحريك الأسواق. ونجاح هذه الحملة في تحقيق أهدافها لصالح المنتج والمستهلك والخزينة العامة يتطلب ما يلي:
1- أن تكون بمبادرة أهلية وشعبية بحيث لا تأتي من فوق سواءً من قبل الجهات الحكومية أو الغرف الصناعية التي يمكن أن تدعمها بشكل غير مباشر حتى لا يشعر المواطن أن هذا الاجراء مفروض عليه ، بل يلتزم به اقتناعاً منه بصوابيته وضرورته.
2- أن تترافق هذه الحملة بالتزام واضح من قبل الصناعيين بمراعاة موضوع السعر المنافس والجودة المطلوبة وخدمة ما بعد البيع وبتسهيلات الشراء، مع ضرورة التحذير الشديد مما قد يلجأ إليه بعض الصناعيين من تخفيض نوعية المنتجات الوطنية لتخفيض كلفتها وسعرها لمنافسة البضائع المستوردة، لأنهم بذلك يسيئون أكبر الإساءة إلى سمعة الصناعة الوطنية ومصداقيتها محلياً وخارجياً.
3- وضع برنامج زمني مناسب لهذه الحملة خلال فترة ما بعد الأزمة تضمن تحفيز الصناعيين على خفض تكاليف انتاجهم وتحسن نوعيته باستمرار بحيث يصبح قادراً على مواجهة المنتجات المستوردة بشكل نظامي وصحيح من حيث الجودة والسعر.
التعليقات الجديده