أبريل 11, 2016 التحديث الصناعي 0 تعليقات

إعادة هيكلة الشركات الصناعية

أدت الأزمة في سورية إلى إلحاق أضرار بليغة بالصناعة السورية . عدد كبير من المنشآت دمر تدميراً شاملاً وعدد أخر أصايته خسائر وأضرار متفاوتة سواء في الآلات والبناء والمواد أوفي الأسواق الداخلية والخارجية أو في جميعها . ومن الملاحظ أن أصحاب هذه المنشآت الصناعية على اختلاف أضراراهم وخسائرهم بدأوا في التحرك من أجل إعادة تأهيل منشآتهم حسب امكانياتهم والظروف السائدة في مناطق تواجد هذه المنشآت . التحدي الذي تواجهه هذه المنشآت خصوصاً والصناعة السورية عموماً تحدياً كبيراً اذ يجب عليها إعادة البناء والتجهيز والتشغيل واسترداد الأسواق الداخلية والخارجية التي فقدتها . ومن المؤكد أن عدداً غير قليل من هذه الشركات وفي إطار عملية إعادة تأهيلها سيعيد النظر في عدد من الأمور في الشركات  التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف بمعنى تحويل الخسائر التي لحقت بالمنشآت الصناعية إلى فرصة لإعاد ة تأهيلها وتحديثها ومن المؤكد أن هذه العملية الهامة والكبيرة لايمكن أن يقوم بها جميع أصحاب الشركات لوحدهم بل لابد من قيام الجهات الحكومية المعنية بتوفير الدعم والمساعدة اللازمة لذلك . لكن يبقى على أصحاب الشركات العمل على صياغة وتنفيذ الاستراتيجية اللازمة لإعادة  هيكلة منشآتهم وتأهيلها من أجل تحقيق الأهداف المرجوة .

في هذه الدراسة يتناول  الكاتب Joe DePaola موضوع إعادة هيكلة الشركات الصناعية وكيفية تنفيذها بشكل صحيح وشروط نجاحها الأمر الذي من شأنه أن يوضح فكرة إعادة الهيكلة ويساعد الشركات الراغبة بذلك على فهم أوسع وأفضل لهذه العملية وتوفير مستلزمات نجاحها

إعادة هيكلة الشركات هي عملية إعادة تصميمها وتنظيمها  لتكون أكثر قدرة على المنافسة والبقاء ومواجهة  الظروف الاقتصادية السلبية وتحريك الشركة  في اتجاه جديد تماما ، لأنه لايمكن لأي شركة أن تستمر في العمل بنفس الطريقة إلى الأبد . مع تغير الأزمنة وتغير ظروف العمل أصبحت إعادة الهيكلة واحدة من الخيارات أمام الشركات  … وفقا لتشارلز غولدشتاين ( بالنسبة للكثير من الشركات التي واجهت العديد من الصعوبات المستمرة ، إعادة الهيكلة هي الخيار الأفضل – وأحيانا الوحيد القابل للتطبيق)… ولكن حتى في أفضل الأوقات ، فإنه من المهم أن تكون سباقأ في المراقبة المستمرة ليس لأداء الشركة فقط ، ولكن أيضا لوضع العاملين والمنافسين والأسواق و العملاء والبائعين ، والمقرضين … ولكن الأهم من ذلك، يجب أن يكون للشركة خطة عمل بديلة جاهزة للمواجهة والتغلب على الأمور السيئة حتى قبل أن تحتاجها لأن الصعوبة  عندئذ ستكون مضاعفة حين تبحث عن بدائل قابلة للحياة وأنت في خضم الأزمة… وفقا لغاري روشين  ( أعراض تعثر الشركات تبرز غالباً وبوضوح قبل حدوث الأزمة.. و قبل معرفتها ، الشركات  في دوامة العنف والموت … ولكن ، هذه الحالة ليست حتمية ، وفي كثير من الحالات، فإنه يمكن وقفها وعكسها ، … ولكن  العمل في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية … الدروس المستفادة تشير إلى  أن أفضل طريقة لإعادة هيكلة الشركات هي في  دراسة الإخفاقات وعدم الإفراط في الثقة  الذاتية بحيث تعتقد أنها لا تحتاج لتغيير أي شيء …

في دراسة “أفضل الممارسات في مجال إعادة هيكلة الشركات ” تم طرح سؤال : ما مدى نجاح  عملية إعادة هيكلة الشركات في تحقيق الأهداف المحددة ؟ بينت الاجابات الواردة من المديرين التنفيذيين في  531  شركة أن النتائج كانت متباينة :

 90 ٪ قالوا أن تخفيض التكاليف كان الهدف، و رأى 61 ٪ فقط أنها حققت الهدف.

85 ٪ أكدوا على زيادة الربحية ، ولكن46٪ فقط ذكروا أن زيادة الأرباح تحققت.

64 ٪ يعتقدون أن إعادة الهيكلة ستزيد من الميزة التنافسية للشركات ، ولكن 32٪ فقط وجدوا  أن هذا صحيح .

 58 ٪ أراد زيادة الإنتاجية ، ولكن 34 ٪ فقط رأى أنها حدثت.

 وفي حين أراد 58 ٪ رؤية تحسين رضا العملاء،فإن التحسن حدث في 27٪ فقط.

إلى جانب إظهار  النجاحات غير المكتملة  التي حققتها  إعادة هيكلة الشركات ، أشارت نتائج الدراسة أيضا إلى أن المديرين التنفيذيين يريدون استخدام إعادة هيكلة الشركات كدواء لمعالجة كافة المشاكل ليس فقط  لخفض التكاليف  وزيادة الأرباح  وتحقيق ميزة تنافسية …ولكنهم  يريدونها أيضاً  لزيادة الإنتاجية و تحسين رضا العملاء … وعندما يتم التعامل مع أداة مثل إعادة هيكلة الشركات باعتبارها الدواء الشافي فذلك بسبب عدم وجود فهم واضح حول كيف وأين ومتى و لماذا تستخدم ؟ وفقا لروبرت جيه إليس ” ربما يكون أحد الدروس الهامة من إعادة هيكلة الشركات هو الحاجة إلى صورة واضحة عما ستكون عليه نهاية الشركة  قبل بدء عملية إعادة الهيكلة … الفشل في اتخاذ هذه الخطوة الأساسية الأولى يؤدي إلى العديد من المشاكل ، وليس أقلها الطلب من  العمال والشركاء القيام برحلة  دون فهم  أين مقصدها .”..

على مدى عقود ، ركز التفكير الاستراتيجي على الإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية: أين نحن ؟ أين نريد أن نذهب ؟ كيف نصل إلى هناك ؟ ولكن السيد إليس يرى أن إعادة هيكلة الشركات يجب أن تكون أكثر استراتيجية … في كثير من الأحيان ، إعادة هيكلة الشركات تركز على ” كيفية القيام بشيء ما ” أكثر كفاءة من دون تحديد ‘ ما هو الأكثر أهمية للقيام به” و غالبا ما يكون الكثير من أعمال إعادة الهيكلة غير مهم من الناحية الاستراتيجية … ووفقا لألفريد شاندلر ( من المهم جدا أن تجيب  القيادة على السؤال : لماذا نفعل ذلك ؟ يجب على القادة بلورة استراتيجية عمل واضحة، وتثقيف عمالهم  لماذا التغييرات هامة  لمستقبل نجاح الشركة… وعلاوة على ذلك ، قبل أن تقرر الإدارة كيفية العمل بشكل أفضل أو كيفية تنظيم ليكون أداء الشركة  بشكل أكثر كفاءة ، يجب أن تحدد أولا – ما العمل الذي يجب القيام به وما هي العمليات الأساسية للتنفيذ … الخيارات يمكن أن  تتحدد  فقط عند وجود استراتيجية عمل واضحة المعالم …

في مقالة (التخطيط الاستراتيجي لإعادة هيكلة شركتك)  يقول الكاتب لويد روسيل: تترافق إعادة هيكلة الشركات عادة مع دلالات سلبية من عدم الكفاءة أو الحاجة لخفض قوة العمل لتحسين المستوى المنخفض … ومع ذلك فإنه من المهم تحقيق التوازن بين هذا مع افتراض أن إعادة هيكلة الشركات هي عملية تجديد الشركة  وتمكينها من الاستفادة من الفرص المتاحة في السوق … التاريخ يشير إلى أن معظم عمليات إعادة  الهيكلة الضعيفة  يتم تنفيذها لثلاثة أسباب رئيسية : ( 1 ) خفض التكاليف هو التركيز الرئيسي … ( 2 ) التركيز على الناس بدلا من المواقف و التوجه الاستراتيجي للشركة … (3 ) عدم وجود هدف  استراتيجي  واضح  ونقص التواصل.

 وهنا بعض المبادئ التوجيهية التي من شأنها أن تساعد على تركيز عملية إعادة الهيكلة :

 التخطيط الاستراتيجي قبل الهيكلة: يجب أن يكون للشركة توجه استراتيجي واضح وواقعي لتركيز جهود القوى العاملة والإدارة و الشركاء … معظمهم سيتبنى التغيير إذا تمكنوا من أن يروا بوضوح إلى اين متخذو القرار سيأخذون الشركة.

 الحد من الفوضى و التعقيد: يجب التخفيف من الأثر السلبي لتعقيد الهيكل التنظيمي للشركة …يجب تصميم هيكل الشركة وتحديد المواقع الاستراتيجي قبل التركيزعلى الموظفين … تبسيط الأدوار القيادية من خلال عمليات واضحة وفعالة بما في ذلك مسارات تدقيق واضحة… وابقاء الهياكل التنظيمية للشركة مبسطة…

 الكفاءات الأساسية والأنشطة: قبل وضع الأدوار والمسؤوليات، يجب وضع منظور واضح حول الأنشطة الأساسية التي تحدد المشروع. تحديد الكفاءات الأساسية التي هي المحرك  الرئيسي  لأنشطة الشركة … انها ضرورية لتعزيز هذه الأنشطة التي تضيف قيمة أكبر  للشركة … أما الأنشطة  الأخرى الأقل أهمية والتي لا تضيف قيمة  فيجب استبعادها …

 جدوى المراكز والأدوار: في غالبية الشركات المعاد هيكلتها ، خفض التكاليف هو الهدف الرئيسي ، وبالنسبة لبعض المواقف والأدوار … يتم تحميلها بشكل غير واقعي بالمهام التي لا تتماشى مع التوجه الاستراتيجي للشركة … في حين أنه من الضروري أن تكون جميع الموارد تعمل بالقرب من القدرات التي يجب أن تعمل تحديداً من أجل نفس غايات وأهداف الشركة.. خلاف ذلك يحدث عدم الكفاءة وسيكون من المستحيل قياس الأداء…

 التوازن في إدارة أعباء العمل: وظائف الإدارة هي مزيج من الإدارة والقيادة. إذا كان العاملون داخل هذه المواقع يحملون عبء عمل زائد  فإنهم يميلون  إلى التركيز على الأهداف الادارية  الملحة التي تؤدي مباشرة إلى النتائج الحسية المطلوبة … للمساعدة في الحفاظ على توازن  صحيح بين العمل و الإدارة ، فإن هذه العناصر هي الحاسمة : عدد الموظفين تحت الإدارة المباشرة ، قدرة الموظفين على أداء مهامهم دون إشراف ، المستوى ” الوظيفي  ” لمدير العمل يجب  أن يظهر.أكثر من الاشراف على مكان العمل  …

 التنفيذ الفعال: الفترة الحاسمة للتنفيذ الناجح لإعادة الهيكلة هي ضمن الأسابيع الستة الأولى. إذا كان لدى القوى العاملة إشكالات في اتجاه إعادة الهيكلة، سوف يكون هناك أثر سلبي على التنفيذ. تبدأ عملية التنفيذ الناجح بتوضيح المواقف والأدوار والمسؤوليات ، مع التحديد الواضح لكل الوظائف داخل الشركة متضمنة الأنشطة والأهداف ومستوى التفويض في اتخاذ القرار …. جميع الموظفين يجب أن يفهموا  أين تكون كفاءة التشغيل في الشركة . أخيرا ، يجب على الجميع فهم ما هي مسؤوليتهم  وكيف سيتم قياسها

في مقالة (نجاح إعادة الهيكلة يتبع الاستراتيجية ) التي كتبها Lee Tom Perry    يقول : إعادة هيكلة الشركة  أصبحت أكثر شيوعا ليس فقط لأنها تؤثر على المزيد من الشركات ، انها تؤثر على الشركات في المزيد من الطرق … إعادة الهيكلة تعد بالاستغناء عن الناس والوظائف التي لا تضيف قيمة للشركات  … االشركات التي تبدأ إعادة الهيكلة بفهم استراتيجي واضح هي الأوفر فرصة لتحقق النتائج المرجوة …اسلوب صياغة الاستراتيجية التي تقدم دليلا مفيدا لإعادة هيكلة الشركات هو أسلوب المشروع المركز ، الذي يقوم على فرضيتين حول التوجه الاستراتيجي :

 هناك قواعد “ضرورات التنافسية” التي يجب على كل مشروع تحقيقها ، فقط لمواكبة منافسة الصناعة. يمكن للاستراتيجيات التي تركز على ” ضرورات التنافسية ” خلق ميزة تنافسية مؤقتة ، ولكن هذه الاستراتيجية هي أفضل للحاق بركب المنافسين أكثر من البقاء  أمامهم …

 الشركات التي تطمح لأن تصبح قائدة تنافسية يجب أن تقوم بأكثر من أداء الأساسيات، يجب عليها تمييز نفسها حقاً  بأن  لديها ” شركة مركزة  ” وهذه  تمكنها من التفوق في ” شيء ما ” …الشركة تكون ممتازة  فقط عندما يكون جميع العمال والشركاء يعرفون ويفهمون ماهو المشروع الذي يتواجدون فيه  … ويقوم الجميع بالدفع  معا  من أجل جعل المشروع يعمل .

يعرف تركيز الأعمال كيف تعتزم الشركة استخدام قدراتها الفريدة من نوعها للحفاظ على ميزة تنافسية. يوجه تركيز الأعمال الجهود التنظيمية و تنمية القدرات الفردية والجماعية ، مما يسهل بناء الكفاءات المتميزة … الشركات التي تحقق الوضوح الاستراتيجي لديها ميزة كونها ليس فقط قادرة على إعادة الهيكلة الاستراتيجية ، ولكن أيضا مواصلة الإجراءات التي تنبع من الاستراتيجية بطريقة يفهمها معظم الناس … عموما، القوى العاملة هي أكثر التزاما بإعادة الهيكلة عندما يكون لديها فهم أفضل للأسباب وراء ذلك …الوضوع  الاستراتيجي يمهد الطريق لإعادة الهيكلة الاستراتيجية من خلال توفير المنطق لتحديد أولويات عمل الشركة. عندما تكون استراتيجية الشركة واضحة ، فمن الممكن الإجابة على الأسئلة  مثل : ما العمل الذي يجب أن يكون الهدف من معظم جهود التحسين ؟ ما أنشطة العمل  التي يجب تحسينها  ؟ ما الأعمال التي  يجب الغاؤها  ؟ ما الأعمال التي يجب الاستعانة بمصادر خارجية  لتنفيذها ؟ ما هي الدوافع الأكثر فائدة للتحسين ؟ . معظم الشركات التي نجحت في إعادة الهيكلة هي قادرة على تحديد و حماية إجراءات العمل الأساسية التي تخلق ميزة تنافسية ، أو التمايز لصناعتها …

جوهر إعادة هيكلة الشركات هو القيادة ، التي تعني ايصال رؤية واضحة حول إلى أين تريد الشركة أن تذهب … و الالتزام، والمثابرة للوصول الى هناك … مع عدم تدمير  روح و قيم المنظمة التي تمثلها . القيادة لا يمكن أن تتنازل عن مسؤولية الدفاع عن مبادرات إعادة الهيكلة الاستراتيجية ضد موجات لا هوادة فيها من مقاومة التغيير … وفقا لايليا بوزين  ؛ كل الأقسام  والإدارات و التسلسل الهرمي للإدارة .. فقدت الغرض منها … لانه ليس  المهم من يقوم  بالعمل ، والعناوين … كل ما يهم حقا هو أن العمل ينجز . إذاكنت تشغل مصنعاً ، التسلسل الهرمي قد يكون لا يزال لديه مكان ، ولكن إذا كنت  تدير شركة  تتطلب مهارات حل المشاكل ، والإبداع، ومستوى عال من التحفيز للعاملين ، عليك أن تنظر بمراجعة المخطط التنظيمي … تعزيز ثقافة العمل  حيث العمال والعملاء … ه هم أولوية قصوى.