أبريل 29, 2016 كلمة تقال 0 تعليقات

الصناعة والحلقة المفرغة

مما لاشك فيه ان تحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سورية يرتبط بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة التي تعاني منها منذ أكثر من خمس سنوات يتضمن إقامة نظام ديمقراطي تعددي يضمن وحدة البلاد وعدالة توزيع الدخل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف أبناء الوطن ومناطقه وهو أمر يدرك الجميع أنه ليس سهلاً أو سريعاً . لكن ذلك يجب ألا يحول دون بذل أقصى ما يمكن من العمل من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية حالياً من خلال معالجة ما يمكن من المشاكل والنتائج السلبية الكبيرة التي نجمت عن هذه الأزمة وعدم الانتظار لحين زوالها لأنها قد تولد مشاكل أكبر وأوسع تزيد من حجم اضرارهذه الأزمة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية السلبية .
دوران حركة الانتاج والتصنيع ، ولو جزئياً ، تلعب دوراً هاماً في معالجة عدد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية سواء في تخفيف حدة البطالة والحد من الهجرة أو في مجال توفير القطع الأجنبي من خلال انتاج منتجات تلبي الحاجات الأساسية للمواطنين السوريين عوضاً عن استيرادها وبالتالي تصدير الفائض منها الأمر الذي يمكن من خلاله أيضاً وقف تدهور قيمة الليرة السورية والحد من ارتفاع الأسعار . لكن المشكلة تكمن في كيفية تمكين القطاع الصناعي من العودة إلى الانتاج وتوفير مستلزمات ذلك لتحقيق الأهداف المرجوة .
صناعيون كثر أدت الأزمة إلى حرق أو تدمير أوسرقة منشآتهم وخطوط انتاجهم ومنتجاتهم وموادهم الأولية ، وعملية إعادة تأهيل وتشغيل هذه المنشآت تحتاج – اضافة إلى استتياب الأمن والأمان – إلى أموال وتجهيزات وتوفير الخدمات الضرورية من بنى تحتية وكهرباء وماء ووقود . وفي الوقت الذي لا تتوفر لمعظم الصناعيين المتضررين هذه الامكانيات، تعلن الحهات الحكومية المعنية – رغم تصريحاتها المسؤولين فيها عن دعم القطاع الصناعي- عن عدم توفر الامكانيات والموارد المالية لديها لتأمين هذه المتطلبات. يضاف إلى ذلك توقف المصارف العامة والخاصة عن تقديم القروض للصناعيين في هذا المجال بل اتخاذها اجراءات قانونية من حجز ومنع للسفر بحق المتعثرين منهم، حتى القرار المتعلق بمنح القروض التشغيلية منذ اكثرمن عام لم يوضع موضع التنفيذ بعد
وهنا تكمن الحلقة المفرغة : بدون انتاج لاتتوفر موارد وبدون تمويل لايمكن الانتاج وتحقيق الموارد .
معظم المنشآت الصناعية التي تعمل حالياً هي المنشآت التي كانت موجودة أصلاً في أماكن آمنة ، أو تلك التي تم نقلها إلى أماكن آمنة وقسم منها تمت تجزئتها ووضعها في عدة أماكن ، اضافة الى المنشآت ذات الأضرار الصغيرة التي لا تتطلب امولاً كبيرة لتأهيلها وإعادة تشغيلها . كل هذه المنشآت ، على الرغم من تواضع عددها ونسبتها التي لاتتجاوز 10% من عدد المنشآت الصناعية التي كانت موجودة وتعمل قبل الأزمة ، تم تأهيلها وإعادة تشغيلها بأموال الصناعيين أنفسهم ليس هذا وحسب بل أن التعويض على المنشآت الصناعية التي تضررت لايتم بالسرعة المطلوبة وهو أصلاً محصور بالمباني فقط دون الآلات والتجهيزات وبحد اقصى لايتجاوز 10 مليون ليرة سورية . كما أن قرار منح القروض التشغيلية جاء من باب رفع العتب لأن الشروط الصعبة إن لم نقل التعجيزية التي تضمنتها التعليمات التنفيذية لمنح هذه القروض جعلته من القرارات موقوفة التنفيذ عملياً.
ماتزال نسبة 90% من المنشآت الصناعية خارج الانتاج وما يزال أصحابها خاصة ممن لاتتوفر لديهم امكانيات التمويل ينتظرون كيف ستقوم الجهات المعنية بكسر هذه الحلقة المفرغة الأمر الذي لا يمكن أن يتم إلا بتوفير التمويل والسماح بمنح القروض وبشروط ميسرة لأن تشغيل المنشآت الصناعية ودوران عجلة الانتاج هو وحده من يساهم في توفير موارد اضافية للخزانة العامة ويكسر الحلقة المفرغة التي تعيشها الصناعة السورية في مجال التمويل وبدون ذلك فإن شح الموارد سوف يطيل من زمن الأزمة ويستهلك المزيد من الموارد وبذلك تتفاعل العمليتان وتتبادلان المزيد من الآثار والنتائج السلبية .