تأهيل الصناعة السورية
فؤاد اللحــام
ترتبط عملية إعادة البناء في سورية بشكل عام والصناعة بشكل خاص بإعادة الأمن والأمان والانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي يحافظ على وحدة البلاد ويضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية العادلة والمتوازنة لكافة المواطنين والمناطق في سورية . ولكن هذا لايعني في الواقع الانتظار لحين تحقق هذا الهدف بل العمل من أجله منذ الآن من خلال توفير المستلزمات الضرورية لتمكين المنشآت الصناعية القائمة على متابعة نشاطها الانتاجي من ناحية والتحضير المسبق والمدروس لما يجب القيام به عند زوال هذه الأزمة من ناحية أخرى .
من الضروري أن تنطلق عملية إعادة تأهيل الصناعة السورية بتشكيل فريق وطني مختص من الجهات المعنية العامة والخاصة بمشاركة فعلية من الخبراء المختصين والصناعيين والجمعيات الأهلية المختصة لبلورة الرؤية الشاملة لإعادة تأهيل الصناعة السورية بشكل يكمل ويتكامل مع الرؤية الوطنية لعملية إعادة تأهيل الاقتصاد السوري من كافة الجوانب وعلى كافة المستويات بما يمكن الصناعة السورية من تحويل أزمتها الحالية إلى فرصة للنهوض ، اضافة إلى تفعيل برنامج التحديث والتطوير الصناعي الذي تنفذه وزارة الصناعة بالتعاون مع منظمة اليونيدو وإعادة النظر بمكوناته في ضوء الظروف والأولويات الحالية بحيث تشمل مشاركة الخبراء الوطنيين في اجراء دراسات تشخيصية للقطاع الصناعي وأنشطته الفرعية ، وإعداد خطط إعادة تأهيله وتشغيله ، والمساعدة في اقامة وتشغيل المؤسسات الداعمة الضرورية الجديدة وتأهيل القائم منها حالياً ، واقتراح مشاريع التعاون اللازمة لإعادة تأهيل الصناعة السورية ، والعمل على تنفيذها بالتعاون مع المنظمات العربية والدولية المختصة والجهات المانحة ، والسعي لتأمين ما يمكن من مصادر التمويل الخارجية لعملية إعادة تأهيل القطاع الصناعي. اضافة إلى مراجعة الدراسات السابقة التي تمت لتطوير القطاع الصناعي واعتماد وتحديث المناسب منها للاستفادة منه في عملية إعادة التأهيل ، مع التأكيد على ضرورة تمكين المعامل قيد التشغيل حالياً أو التي يجري إعادة تأهيلها من العودة للعمل والاستمرار في الانتاج لتلبية الطلب المحلي وتصدير ما يمكن من انتاجها وتوفير الظروف المشجعة لعودة الصناعيين السوريين إلى البلاد.
تتطلب عملية إعادة تأهيل الصناعة السورية العمل بشكل متكامل ومتناسق على ثلاثة مستويات :
- المستوى الكلي: السياسات العامة الكلية
- المستوى المتوسط : المؤسسات الداعمة
- المستوى الجزئي: المؤسسات والشركات
العمل على المستوى الكلي ( السياسات العامة الكلية ) يتطلب اتخاذ اجراءات عديدة من أهمها تحسين بيئة الاستثمار الصناعي واصدار قانون تشجيع الاستثمار الجديد وتحديث القوانين الناظمة للنشاط الصناعي ، وإعادة منح القروض بشروط ميسرة ، وتطوير المنتجات المصرفية العامة والخاصة وتطبيق التأجير التمويلي ، واعتماد سياسة حمائية للصناعة لفترة زمنية محدودة وبشروط محددة ، واصلاح وتطوير البنى التحتية ، واعتماد أسلوب المناطق الاقتصادية الخاصة والتجمعات العنقودية في عملية إعادة تأهيل المناطق الصناعية المتضررة ، واتمتة ما يمكن من العمليات المتعلقة بالنشاط الصناعي للحد من الفساد والبيروقراطية ، اصلاح القطاع العام الصناعي وفق برنامج متكامل يعتمد بشكل أساسي على تحسين بيئة عمل هذا القطاع الادارية والتنظيمية والمالية والانتاجية وأسلوب اختيار ادارته وأن يتم ذلك بعد اجراء دراسات تشخيصية لكافة شركاته ومؤسساته وخاصة المتضررة منها لتحديد جدوى إعادة تأهيلها لممارسة نشاطها السابق أو تطويره أو تبديله ، وتطبيق مبدأ التشاركية مع القطاع الخاص فيما يتعلق بإعادة تأهيل وتشغيل بعض منشآته المدمرة بشفافية ووفق الأصول المتعارف عليها من الإعلان وتقديم العروض ودراستها من قبل لجان مختصة ونزيهة. وتحويل وزارة الصناعة إلى وزارة سياسات صناعية ، وإعطاء مسألة الجودة والبيئة ومنع عمالة الأطفال الاهتمام المطلوب .
أما العمل على المستوى المتوسط ( الجهات الداعمة ) فيتطلب احداث المؤسسات الداعمة الجديدة مثل مركز التحديث الصناعي وصندوق التحديث الصناعي ، والمراكز الفنية الصناعية المختصة والمخابر المعتمدة دولياً ، وتشجيع اقامة الشركات والمكاتب المختصة بالاستشارات الصناعية والتدريب واشراكها في مناقشة وتنفيذ برامج التعاون الفني مع الجهات المانحة ، ووضع البرامج التدريبية اللازمة لإعداد وتأهيل اليد العاملة الجديدة اللازمة بالاستفادة من النازحين والمهجرين ، واعداد المقترحات الخاصة ببرامج التعاون الفني مع المنظمات المختصة ، وتفعيل دور غرف الصناعة والتجارة والاتحادات المختصة والملحقيات التجارية .
وتتركز الاجراءات اللازمة على مستوى السياسات الجزئية على إعداد دراسات تشخيصية للشركات العامة والخاصة المتضررة لتحديد امكانية الاستمرار بنشاطها الأصلي أو تطويره أو استبداله ، وتحديد أولويات الأسواق المستهدفة وتحديد احتياجاتها ورغباتها وتوفيق المنتج الوطني وفقاً لذلك، مع التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية من ناحية التصميم والمكون التكنولوجي والسمعة التجارية، وتطوير أساليب ادارة الشركات وفق المفاهيم والطرق الحديثة في كافة المجالات الادارية والتنظيمية والمالية والانتاجية والتسويقية وتقديم الدعم الفني اللازم لها من أجل تحقيق ذلك.
أخيراً من الضروري استكمال وتطوير الرؤية العامة لإعادة تأهيل الصناعة السورية بإعداد دراسات تفصيلية للأنشطة الصناعية الفرعية ذات الأولوية مثل الصناعات النسيجية والغذائية وصناعة مواد البناء والدواء وغيرها …. لوضع التصورات التفصيلية لإعادة تأهيل هذه الأنشطة بشكل يكمل ويتكامل مع خطة إعادة تأهيل القطاع الصناعي من جهة و خطة إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني الشاملة من جهة أخرى .
التعليقات الجديده