أغسطس 22, 2016 كلمة تقال 0 تعليقات

كلمة تقال الصناعة وعملية إعادة البناء

فؤاداللحام

عندما يصرح وزير الأشغال العامة والاسكان أن سورية تحتاج إلى بناء حوالي 500 ألف وحدة سكنية  ، يمكن لنا أن نتصور حجم الأعمال والمواد والخبرات والوقت والمال التي ستحتاجها هذه العملية فقط  دون البنى التحتية وغيرها من المرافق العامة والخاصة الأخرى  التي تضررت بفعل الأزمة .

الحجم الهائل من الآليات والتجهيزات لتمهيد الأراضي التي توجد فوقها الأبنية المدمرة  ونقل المواد المدمرة وعزلها وإعادة تدويرها وتصنيعها والحجم الهائل من الاسمنت والحديد ومواد البناء الأخرى المطلوبة سواء تم استخدام أسلوب الأبنية مسبقة الصنع  أو / و الأبنية العادية . يضاف إلى ذلك كميات  الأدوات الصحية ومستلزمات التمديدات الكهربائية والأبواب الخشبية والمعدنية والألمنيوم والزجاج والدهان ، يضاف إلى كل ذلك  الخبرات الفنية اللازمة للتصميم والاشراف و اليد العاملة الخبيرة اللازمة للقيام بكل هذه الأعمال وكيفية توفرها محلياً وصولاً إلى حجم التمويل الهائل المطلوب لهذه العملية.

من الممكن وفق معايير معروفة تقدير حاجة المسكن الواحد من كل هذه الأمور و وحجمها وكلفتها التقديرية والبرنامج الزمني لاستخدامها وهذا شيء هام بالتأكيد لكن الأهم  أيضاً ليس مصدر تمويل كل هذه الاحتياجات فقط بل أبضاً تحديد مصدر هذه المواد والخبرات وهل سيكون محلياً أم مستورداً ؟ وهل ستكون الخبرات واليد العاملة سورية أم ستستقدم من الخارج ؟

منطق الأمور وكذلك المصلحة الوطنية تتطلب أن يتم الاعتماد على الصناعة المحلية في تأمين أقصى ما يمكن من مستلزمات عملية إعادة البناء وبالتالي لابد من البدء ومنذ الآن في تحديد حجم كل من هذه الاحتياجات وعدد المنشآت الصناعية اللازمة لذلك وطاقاتها والمواقع المناسبة لتوطينها وإعداد الملفات الاستثمارية لهذه المشاريع والعمل على ترويجها لتنفيذها محلياً باستثمارات وطنية و / أو خارجية  ومن خلال شركات فردية أو مشتركة أو مساهمة عامة الخ.. لأن المهم أن يكون أكبر قدر ممكن منها في أرض الوطن.

الجانب الآخر المكّمل والمتكامل مع هذه  العملية ،  والذي ينبغي البدء به منذ الآن أيضاً، هو  إعداد وتأهيل الخبرات واليد العاملة الفنية اللازمة لعملية إعادة البناء من كافة الاختصاصات المطلوبة بالاستفادة من سكان المدن والمناطق المتضررة لأنه يساهم في تطوير تللك المناطق وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً  .

في الوقت الذي نسمع فيه عن تصرفات وممارسات سيئة من بعض  المهجرين والنازحين السوريين في البلدان المجاورة وغيرها من بلدان النزوح واللجوء – وهذا يمكن أن يكون أمراً عادياً يفرضه واقع الأزمة  ونتائجها وتأثيراتها – إلا أننا مقابل ذلك نسمع قصص نجاح  رائعة  لعدد أكبر من المواطنين سوريين أطفالا ونساء وشباباً  في الدراسة والعمل والأخلاق وهذا ما يجب أن نركز عليه ونجعله القاسم المشترك الأعظم للسوريين  الأمرالذي  يستوجب منا العمل على تحويل الأزمة التي نعيشها في مختلف جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى فرصة حقيقية  للتنمية الشاملة والمتوازنة التي تجعل سورية خلال عشر سنوات بلداً بازغاً ومتميزاً  كما نتمناها وكما يجب أن تكون .