سبتمبر 01, 2016 كلمة تقال 0 تعليقات

ثلاثية دعم الصناعة الوطنية وحمايتها – فؤاد اللحام

لم يعد مطلب دعم الصناعة الوطنية وحمايتها محصوراً بالصناعيين السوريين بل أصبح مطلباً شبه عام ليس من قبل الباحثين والمختصين وحسب بل من شرائح واسعة من المواطنين الذين باتوا يدركون أن تحريك النشاط الانتاجي الصناعي وحمايته وتوفير الظروف المواتية لعودة المزيد منه إلى العمل والانتاج هو الخطوة الأساسية في  معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية سواء التي برزت نتيجة الأزمة الحالية أوكانت موجودة قبلها .

دعم الصناعية الوطنية مسألة ثلاثية الأطراف.  طرفها الأول المستهلك والثاني الصناعي والثالث الجهات الحكومية المعنية ، وبالتالي فإنه كي لايبقى هذا المطلب في اطار التنظير والتصريحات الصحفية أو المجاملة ، ومن أجل وضعه في اطار التنفيذ الفعلي ،  فإنه لابد من توفير  التنسيق والتكامل بين حاجات وأولويات وجهود هذه الأطراف الثلاثة .

المستهلك السوري ، على الرغم من الظروف القاسية وغير المسبوقة التي يعيشها في هذه المرحلة من كافة النواحي الأمنية والحياتية والاقتصادية وبالقسم الضئيل المستمر بالتراجع في القوة الشرائية لدخله ،  يمكن أن يساهم في دعم الصناعة الوطنية من خلال شرائه المنتج الوطني وفهمه وتقديره لأثر هذا السلوك الايجابي  ليس في المحافظة على ما تبقى من الصناعة السورية وإعادة تنشيطها وحسب بل في تحريك القطاعات الانتاجية والخدمية المرتبطة أمامياً وخلفيا بالصناعة ومعالجة العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الأخرى وفي مقدمتها تخفيف نسبة البطالة والفقر وخفض الاستيراد وزيادة التصدير وتعزيز قيمة العملة الوطنية ومعالجة جزء هام من مشاكل النازحين والمهجرين…

 الصناعي السوري الذي لملم جراحه ودمار وخراب مصنعه وأعاد تأهيل وتشغيل ما تبقى أو مااستطاع انقاذه منه والعمل في مقرات مؤقتة في الدكاكين والبيوت  في المدن والمناطق الآمنة معتمداً على امكانياته المالية الذاتية  وضمن ظروف صعبة على أمل الانفراج القريب ، فإن مسألة هامة جداً يجب ألاتغيب عن ذهنه  خاصة في ظل انتشار التهريب وهي أن حملة دعم الصناعة الوطنية يجب أن تترافق بالتزامه بموضوع الجودة والسعر المناسب وتسهيلات الشراء وخدمة ما بعد البيع لإعادة الثقة بالمنتج الوطني وتعزيزها وبالدورالاجتماعي للصناعيين تجسيداً لتحقيق التوازن المطلوب بين حقوق الصناعي وواجباته ، وهذه أمور كانت نخبة متميزة من الصناعيين السوريين تقوم بها ونأمل أن تنتقل عدواها إلى شرائح أوسع منهم. وهناك مسألة أخرى هامة لايعيرها المستهلك والصناعي معاً حتى الآن الاهتمام الكافي وهي استطلاع رأي المستهلك بالمنتج  الصناعي الوطني وملاحظاته ومقترحاته لتحسينه وتطويره من كافة النواحي بحيث يكون هذا المنتج أكثر تلبية لحاجاته ورغباته  .

أما الجانب الأكثر أهمية  في المرحلة الراهنة فهو الجهات الحكومية المعنية بالشأن الصناعي. فإن المطلوب منها أولاً هو أقصى ما يمكن من التنسيق في الاجراءات والقرارات في هذه المرحلة وتجنب التعارض فيما بينها ، وألا تطلب من الصناعي القيام نيابة عنها بما يجب عليها القيام به . معروف أن توفير التمويل هو المطلب الأول والأساسي للصناعيين،  لكن تلبية كافة احتياجاتهم  من التمويل في ظل التراجع الكبير في الايرادات العامة  مسألة ليست سهلة ، الأمر الذي يتطلب  ايجاد الأدوات  المناسبة التي تمكن  من تلبية ما يمكن منها  لدوران عجلة الانتاج و يساهم في ذات الوقت في توفير موارد متزايدة  للخزينة العامة ويخفف أعبائها . وهنا يأتي دور التوافق على الأولويات بين الصناعيين وممثليهم الحقيقييين والجهات الحكومية المعنية بعيداً عن حالة تفصيل القرارات والتسهيلات على مقياس هذا أو ذاك كما اعتدنا في كثير من الأحيان وما نزال. الشيء الهام الاخر الذي يمكن بل يجب على الجهات المعنية القيام به هو عدم إضافة أعباء جديدة على الصناعي ومعالجة ما هو قائم منها بدأً بمسألة محطات تحويل الكهرباء مروراً بأسعار المحروقات وصولاً إلى فتح الاعتمادات وانتهاءً بتسهيل مرور العمال والانتاج ومستلزماته ووضع حد لحالات الفساد والابتزاز في عدد من الحواجز التي أصبحت معروفة للقاصي والداني في هذا المجال.  فإذا لم يكن لدى الجهات الحكومية المعنية ما يكفي من  الموارد حالياً  لسد حاجة ومتطلبات الصناعيين فإن المطلوب منها بل وواجبها – على الأقل- عدم إضافة عقبات جديدة أمامهم وخاصة لأولئك الذين استطاعوا  ( لملمة أوضاعهم) في الحد الأدنى لمعاودة العمل والانتاج .

من هنا نقول إذا كنا نسر ونتفاءل من التصريحات متعددة المصادر حول معاودة أعداد متزايدة من المنشآت الصناعية في حلب وريف دمشق وغيرها للانتاج ، فإن على الجهات المعنية عدم إصابة هؤلاء الصناعيين بالاحباط بل اتخاذ الاجراءات والتدابير التي تشجههم على الاستمرار وتشجع الصناعيين المترددين في الداخل والخارج على العودة وإعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم