قبل إعادة التشغيل – فؤاد اللحام
تشكل مهمة إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية الخاصة والعامة مسألة أساسية في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي نجمت عن الأزمة والتي أضافت أعباء ومصاعب جديدة إلى ما كانت تعاني منه الصناعة السورية قبل نشوب هذه الأزمة .
ضرورة وأهمية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية تبرز من خلال عدة أمور في مقدمتها تلبية أقصى ما يمكن من الطلب المحلي بما يساهم في خفض المستوردات وزيادة الصادرات و بالتالي خفض الطلب على القطع الأجنبي وتحسين قيمة العملة الوطنية ، اضافة إلى استيعاب أعداد متزايدة من العاطلين عن العمل ما يساهم في زيادة سرعة دوران عجلة الانتاج نتيجة الترابط المتبادل بين القطاع الصناعي والقطاعات الانتاجية والخدمية الأخرى اضافة إلى عنصر هام آخر هو تشجيع عودة الصناعيين من البلدان التي انتقلوا اليها مؤقتاً ريثما تنشأ ظروف مواتية لعودتهم .
الخسائر الكبيرة التي منيت بها الصناعة السورية نتيجة الأزمة تزداد مع كل يوم يتأخر فيه التوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة وبدء تنفيذه ليس بسبب تدمير ونهب المزيد من هذه المنشآت وحسب بل بتشكيله عاملاً مثبطاً للعديد من الصناعيين الذين يفكرون في إعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم ايضاً خاصة اذا ما أضيف لذلك تأخر وبطء تنفيذ الاجراءات الحكومية المطلوب اتخاذها في هذا المجال.
الصناعيون المتضررون اليوم أمام خيارين فيما يتعلق بإعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم ، إما انتظار ما ستؤول اليه الظروف والأوضاع الراهنة ، أو التعامل قدر الإمكان مع الظروف الحالية ريثما تتحسن الظروف . وعلى أرض الواقع هناك الكثير من هؤلاء وأولئك ولا شك بأن الامكانيات المادية الحالية للصناعيين والاجراءات الحكومية المشجعة تلعب دوراً هاماً في هذا الاختيار.
السؤال الهام الذي يجب على الصناعي الاجابة عليه سواء كان خياره الأول أو الثاني ( وكذلك الشركات والمؤسسات الصناعية العامة ) هل يجب أن نعود إلى ما كنا عليه ؟ أم يجب الاستفادة من هذه الفرصة لإعادة دراسة وتقييم ما كنا ننتجه و مدى فرصه في النجاح والنفاذ إلى السواق المحلية والخارجية ؟ بمعنى هل نعود لنفس الصناعة والمنتج أم نطور أونستبدل بمنتج آخر يكون أفضل مما كان لدينا وأكثر امكانية للتسويق والربح ؟
هذه الأسئلة من المفروض أن تتم الاجابة عليها بالدراسة وليس بالرغبة فقط ، ويجب ألا تحول اغراءات العودة السريعة للانتاج دون الاجابة المدروسة على هذه الأسئلة لأن الاجابة الدقيقة والصحيحة ومن ثم تنفيذها تعني تحويل الأزمة إلى فرصة للتطور والنمو . ولكن ذلك لايمكن أن يتم دون تنفيذ سياسات حكومية عامة تضمن تحسين بيئة الاستثمار الصناعي وتمكين الصناعيين من تحقيق خطط تطويره منشآتهم وتوفر لهم المؤسسات الداعمة اللازمة .
التعليقات الجديده