يونيو 29, 2017 كلمة تقال 0 تعليقات

بطالة ونقص عمالة ؟ !!!!!

فؤاد اللحام

في عام 2010 وحسب الأرقام الرسمية بلغت نسبة البطالة في سورية 8.6% إلا أنه بسبب ما اصطلح عليه أخيرا بالحرب في سورية وعليها ونتيجة ارتفاع أعداد المنشآت الانتاجية والخدمية والمرافق العامة والبنى التحتية التي تم تدميرها واخراجها من الخدمة والانتاج  وما رافق ذلك من زيادة أعداد العاطلين عن العمل والنازحين والمهاجرين من سورية إلى مختلف أصقاع الأرض قريبها وبعيدها والتي تركزت بشكل أساسي بين العاملين والسكان في سن العمل ، تشير نتائج الدراسات والمسوح التي تقوم بها بعض مركز الأبحاث والدراسات المحلية والاقليمية والدولية  وكذلك بعض المحللين الاقتصاديين والاجتماعيين المحليين إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة  في هذه الأيام على الرغم من تباينها بشكل واضح  حيث تتراوح بين 20% و40% وحتى 53% وأكثر.. .

الحديث عن ارتفاع البطالة بالنسب التي ذكرناها يترافق مع ظاهرة أصبحت مألوفة ونراها في أسوقنا ونسمعها من مختلف رجال الأعمال والصناعيين عن النقص الكبير في اليد العاملة وانتشار الإعلانات في واجهات المحلات وغيرها عن الحاجة إلى عاملين ذكور. وفي إحدى الاجتماعات المختصة بمناقشة فرص العمل في سورية أعلن رئيس مجلس ادارة مدينة عدرا الصناعية أن المعامل العاملة في هذه المدينة بحاجة فورية إلى 5000 عامل . وكلام مشابه نسمعه من صناعيين في حلب ما زالوا  يتريثون  في إعادة تشغيل منشآتهم لأسباب عديدة في مقدمتها نقص اليد العاملة .

نقص اليد العاملة أدى إلى زيادة الاعتماد على الإناث والأطفال والمتقاعدين والراغبين بعمل اضافي ثاني وحتى ثالث يومياً  لسد الفجوة الهائلة بين الأجور والأسعار من ناحية  وتلبية ما يمكن من الحاجة إلى اليد العاملة  من ناحية أخرى . لكن ذلك لم يف بالغرض المطلوب كما يجب  فهناك أعمال لاتستطيع الاناث والأطفال والمتقاعدون القيام بها في العديد من المنشآت الصناعية بسبب الوزن أوأوقات العمل ومكانه أو بسبب طبيعة المجتمع ، فما هو مقبول في دمشق والسويداء وطرطوس مثلاً بالنسبة لعمالة النساء في بعض المهن ليس مقبولاً في محافظات أخرى… وهكذا

عدة محاولات جرت للتغلب على ما يمكن من هذه المشكلة بدأً باقتراح البدل النقدي الداخلي وصولاً إلى الاستفادة من العمالة الفائضة في شركات القطاع العام إلا أنها لم تفلح حتى الآن وبالتالي تبرز ضرورة البحث عن حلول ممكنة أخرى . ومع استبعاد استيراد عمالة خارجية فإنه ليس هناك سوى النازحين داخلياً وخارجياً لتأهيلهم لسد هذا النقص وتوفير الظروف المناسبة لتشجيعهم على العودة . والمسألة ليست سهلة بالتأكيد خاصة وأن عدداً من النازحين في بعض مراكز الايواء ومخيمات النزوح أصبحوا يكتفون أو يفضلون العيش على المعونات المقدمة اليهم عوضاً عن القيام بعمل ما أو التدريب على عمل جديد .

مما لاشك فيه أن قسماً كبيراً من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها حالياً ترتبط بالتوصل إلى حل سياسي للحرب في سورية وعليها لكن ذلك لايعني بشكل مطلق الانتظار لحين تحقيق ذلك بشكل كامل وانما العمل والتحضير منذ الآن وبشكل متدرج وقدر الإمكان  لخلق البيئة المشجعة لعودة النازحين داخلياً وخارجياً والتعاون مع مختلف المنظمات والجمعيات الأهلية والاتحادات والغرف المعنية على تدريب وتأهيل هؤلاء النازحين وتشجيعهم على ذلك وهو ما يتطلب أيضاً من الجهات الحكومية المعنية توفير الظروف المساعدة على ذلك وتبديد المخاوف التي تجعل هؤلاء النازحين يترددون في العودة إلى بلادهم  لآنه من غير المقبول أن يتم استقدام عمالة أجنبية مهما كان مستواها وبناء البلد الأصليين يعيشون خارجها في مخيمات الذل والهوان.

يبقى موضوع الحديث عن ارتفاع نسبة البطالة في سورية وازدياد الحاجة والطلب على اليد العاملة فيها بحاجة لمزيد من الدراسة والتحليل لفهم ومعالجة التناقض بين الحالتين …