أغسطس 05, 2017 كلمة تقال 0 تعليقات

تضارب مصالح

فؤاد اللحام .

العاصفة التي أثارها القرار الأخير بتشميل مادة الأقمشة ضمن مستلزمات الانتاج واستفادتها من التخفيض الممنوح بموجب المرسوم رقم 172 المتضمن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المحلية  يعطي مثالاً  اضافياً جديداً على الآلية غير الصحيحة التي يتم فيها اتخاذ القرار وتنفيذه في العديد من المجالات .

فبعد مرور أكثر من شهر على صدور المرسوم رقم 172صدرت تعليمات تنفيذه التي أثارت عاصفة من الخلاف الصارخ والكبير شمل من ناحية  الصناعيين المنتجين للأقمشة بأنواعها المختلفة وبين من ينتج الألبسة ومن ضمنهم التجار المستوردون لهذه المادة . الفريق الأول رأي في هذا التشميل تهديداً لصناعة النسيج في سورية وفي هذا الوقت بالذات الذي لايمكن لهذه الصناعة أن تواجه الأقمشة المستوردة بسبب ارتفاع تكاليف المنتج المحلي ودعم الدول الأخرى لمنتجي ومصدري هذه المادة اضافة إلى حالات التلاعب المعروفة في مواصفات وأسعار هذه المادة عند استيرادها والأساليب الأخرى المعروفة في هذا المجال . في الوقت الذي رأى فيه الفريق الثاني فرصة لانتاج ألبسة بنوعية جيدة وبأسعار منافسة في ظل عدم كفاية الانتاج المحلي سواء من حيث الكم أو النوع   في الوقت الذي يقوم فريق ثالث وهو بين الفريقين بتدوير الزوايا بأن يكون هذا الاجراء مؤقتاً ولفترة قصيرة يتم بعدها إعادة النظر به على أن يتم تعديل الأسعار الاسترشادية للأقمشة بأنواعها وهو ماكان مثار خلاف حاد بين الأطراف المعنية .

تناقض المصالح بين الصناعيين أنفسهم من ناحية وبينهم وبين التجار المستوردين ليس جديداً فمنتج الغزول ليس من مصلحته السماح باستيرادها وهذا يتناقض مع مصلحة منتجي المنسوجات الذين بدورهم لايحبذون استيراد الأقمشة التي يطالب بها منتجو الألبسة في ذات الوقت الذي يرى فيه عدد من التجار أن حماية الصناعت النسيجية أدت إلى ارتفاع أسعارها داخلياً في الوقت الذي يمكن استيرادها بأسعار أدني بكثير.

الاجتماعات الطويلة والساخنة التي تمت لمناقشة هذا القرار تؤكد من جدبيد أنه ليس من الجائز اصدار قرار بهذا المستوى من الضرورة والأهمية  قبل دراسته بشكل متعمق وشامل بمشاركة المعنيين به والتوافق على مضمونه من قبلهم  مع  مراعاة مصلحة الاقتصاد الوطني ، ونحن نقول معظمهم لأنه من الصعب ان لم يكن من المستحيل اصدار قرار يخدم مصلحة كل هذه الأطراف  المعنية ولايلحق ضرراً كبيراً في مصلحة الباقين،  الأمر الذي يتطلب دراسة الحاجة الفعلية من مادة الأقمشة ومدى توفرها داخلياً  وتطبيق التخفيض للأقمشة غير المتوفرة محلياً أو لاتسد كامل احتياجات معامل الألبسة لفترة قصيرة مع مراجعة موضوع الأسعار الاسترشادية  وتحديدها بشكل عادل ومنصف واتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة للحيلولة – كالعادة – دون الالتفاف على ذلك .آخذين بعين الاعتبار وجود حالات مماثلة لمشكلة الأقمشة يمكن أن تحدث في الصناعات الغذائية والكيميائية والهندسية الأخرى …