أكتوبر 04, 2017 كلمة تقال 0 تعليقات

الآلات المستعملة مجدداً

لم تنه موافقة مجلس الوزراء على استيراد الآلات المستعملة للصناعيين والتجار الخلاف والنقاش حول هذا الموضوع داخلهم وفيما بينهم وعلى العلن. كل طرف يبرر موقفه بحجج وأمثلة عديدة ويثير مخاوف ومحاذير عديدة أيضاً .وقد وصل البعض إلى حد  إعطاء هذا الخلاف  طابعا مناطقياً وتصويره كخلاف بين الصناعيين في حلب ودمشق . ..

الحجج والمبررات المشجعة لاتخاذ هذا القرار وكذلك لعدم اتخاذه  منطقية وسليمة ولكن لا يمكن قبولها أو رفضها بالمطلق،  لأنه لا يمكن الجزم بصحتها ولا بصحة قرار من ينفذها حتى ولو كان “يعرف مصلحته أكثر من غيره”  والأمثلة على ذلك كثيرة  سواء في اقامة بعض المشاريع أو في ادارتها وتشغيلها أو في فشلها و اغلاقها أو بيعها أو في عمل “المرافقين والأدلاء ” لبعض الصناعيين سواء من داخل سورية أو من البلدان المقصودة للشراء ، هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى فهناك مسألة أهم وأكبر سبق أن طرحناها وناقشناها في العديد من المقالات والمداخلات وهي : هل المطلوب تشغيل المنشآت الصناعية وإعادتها كما كانت قبل الأزمة  أم الاستفادة من فرصة الأزمة لإعادة تأهيلها وتحديثها ؟ لاشك بأن إعادة التشغيل تغري بعض الصناعيين والمسؤولين من الحكومة والغرف والاتحادات بإطلاق تصريحات ايجابية عن تعافي الصناعة السورية…. لكن هذا التعافي ان لم يكن مترافقاً باستراتيجية لإعادة هيكلة هذه الصناعة وتحديثها والاستفادة من دروس الفترة السابقة والعمل على تجاوز سلبياتها وتعميق ايجابياتها سيكون حلاً جزئياً ومؤقتاً ولن يلبي الهدف المطلوب . أحد وزراء الصناعة السابقين صرح  ذات مرة بأن  تشغيل المنشآت بخسارة  أفضل من توقفها وطبق هذه ( النظرية ) على أحد معامل القطاع العام وكانت النتيجة خسارة ما تم وضعه  من مال لإعادة التشغيل والعودة للتوقف ..

هناك على الدوام في سورية  “براءة اختراع وابتكار”  في الالتفاف على القوانين والأنظمة سواء من قبل الذين تشملهم هذه القوانين أو من قبل أعوانهم الفاسدين في عدد من المراكز المسؤولة عن تطبيقها . ولذلك نعود ونؤكد أن قبول أو رفض هذا الموضوع بالمطلق لا يجوز ولابد من وضع ضوابط لتحقيق الأهداف المرجوة منه وتجنب المحاذير  والمخاطر المحتملة ، الأمر الذي يتطلب الدراسة المعمقة لهذا الموضوع وتوفير سبل نجاحه سواء من قبل الجهة المستوردة أو الجهات العامة التي تشرف على استيراد وتخليص وترخيص هذه الآلات من خلال تعليمات واجراءات شفافة وعملية .

فؤاد اللحام