التدريب والاناء المثقوب
فؤاد اللحام ….
في ظل الاهتمام الحكومي بموضوع الاصلاح الاداري والتنمية الادارية الذي عاد مرة جديدة بعد غياب أكثر من عشر سنوات ، تبرز أهمية التدريب والتأهيل كواحد من أهم العوامل المساعدة على تحقيق الأهداف المرجوة من هذه العملية . لكن تفعيل الدور الهام لعملية التدريب يتطلب تقييم التجارب السابقة في هذا المجال واستخلاص الدروس المستفادة منها بجانبيها الايجابي والسلبي من أجل تحقيق النتائج المرجوة في أقصر وقت وأقل كلقة وأكثر كفاءة .
من الأمور الايجابية ( الظاهرية ) لعملية التدريب في المرحلة السابقة ارتفاع أعداد المتدربين وتنوع مجالات التدريب المنفذ لكن على أرض الواقع العملي فإن عملية التدريب كانت أشبه ما تكون بصب ماء في إناء مثقوب حيث لايتبقى بداخله إلا القليل مهما وضعت فيه لأسباب عديدة في مقدمتها ضعف الربط بين الحاجة والمناهج والتنفيذ وسوء اختيار المتدربين والمدربين وتوفير الشروط المناسبة للحفاظ عليهم وتطويرهم .
كان التدريب يشكل – عند توفره – فرصة وأداة لإرضاء المقربين والمدعومين من الادارة والمؤثرين عليها ومجالاً للخلاص مؤقتاً من غير المرغوب فيهم من العاملين . فمثلاً عندما تأتي فرصة تدريب جيدة فيها سفر أو تعويض مغر فإن المرشحين لهذا التدريب يكونوا على الأغلب من المقربين وعندما يكون التدريب محلي وطويل المدة فإن المرشحين على الأغلب من غير المرضي عنهم ولذلك يتم ترشيحهم للاستراحة من وجودهم أطول فترة ممكنة ..لكن هذا بالطبع لم يمنع مرور أشخاص محدودي العدد ممن يستحقون التدريب بين هؤلاء وأولئك.
المشكلة الثانية تبرز بعد العودة من التدريب ومعرفة مدى استيعاب المتدرب ما تلقاه في هذه العملية و امكانية تطبيقه وتعميمه على زملائه ممن لم يسعفهم الحظ في اتباع هذا التدريب لنصل إلى المشكلة الثالثة وهي كيف يمكن توفير البيئة المساعدة لتمكين هذا المتدرب من تطبيق ما تدرب عليه في عمله وتطويره ، وهذه في الحقيقة هي الغاية من التدريب ومبرراته، لنصل إلى المشكلة الأكثر أهمية وهي ما مصير هذا المتدرب وهل تمت المحافظة عليه للاستفادة مما تدرب عليه؟؟ والجواب في الغالبية العظمى من الحالات بالنفي …وبذلك تكتمل قصة الاناء المثقوب …
من كل ما تقدم ذكره تبرز مسألة تجاوز هذه الأمور ضرورة هامة في العمل على تحقيق أهداف الاصلاح الاداري والتنمية الادارية تبدأ بسد الثقب الموجود وهو توفير الشروط المناسبة للحفاظ على الكوادر التي تم تدريبها وتحفيزها على البقاء والتطور وتطبيق ما تم تدريبها عليه على أرض الواقع وتعميمه على الآخرين وهذا بالطبع لايمكن فصله عن المتطلبلت الأخرى وفي مقدمتها انتقاء المتدربين وتطوير قدرات وامكانيات المدربين ومؤسسات التدريب ونشر ثقافة التدريب وتطوير الذات ليس لدى الجهات العامة وأصحاب المنشآت الخاصة بل أيضاً لدى العاملين في هذه الجهات لإقناعهم بأن التطوير المستمر في كفاءاتهم وخبراتهم هو ضمان استمرار في العمل وتقدمهم وتحسين أوضاعهم ودخلهم …
التعليقات الجديده