ديسمبر 30, 2017 كلمة تقال 0 تعليقات

القطاع المشترك وضرورة المراجعة للتطوير

بقلم : فؤاد اللحــــام

حسناً فعل مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في 2017 باستعراضه ، ولو متأخراً ، واقع  الشركات المشتركة مع الدول أخرى ، والطلب من جميع الوزارات دراسة الجدوى الاقتصادية لتلك الشركات ، وطبيعة نشاطها والقوى العاملة فيها  ، ومدى تحقيقها للبعد التنموي في العملية الاقتصادية. وقد تكون هذه المراجعة ،  فيما اذا  تمت بالشكل وبالمستوى المطلوب ، الأولى من نوعها منذ عام 2005 حين قامت وزارة الصناعة في ذلك الوقت بإجراء مسح للشركات المشتركة الصناعية أو التي تقوم بنشاط صناعي اضافي لاختصاصها الأساسي ، ودراسة واقعها ومشاكلها ومقترحات تطويرها وعرض نتائج تلك الدراسة بتاريخ 30/3/2005 في ورشة عمل متخصصة بالتعاون مع غرفتي صناعة دمشق وحلب وقد تم في ذلك الوقت رفع نتائج وتوصيات هذه  الورشة الى الجهات المعنية  لكن كالعادة لم يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة بخصوصها….

يشكل القطاع المشترك مع القطاع الخاص المحلي أو العربي أو الأجنبي أحد المجالات الهامة لجذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا وأساليب الادارة والتسويق الحديثة والاستفادة من فرص التعاون مع الدول الأخرى  بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية .

عملياً دخلت سورية من خلال القطاع المشترك في صناعات حديثة كالجرارات والاتصالات  والسيارات والطاقة المتجددة  اضافة إلى صناعة الموكيت والمفروشات والألبان. وكانت أول بلد عربي يصنع المقاسم الهاتفية من خلال شركة (سيركوتيل ) بالمشاركة مع شركة (الكاتيل)  الفرنسية أواخر السبعينات والتي تم افشالها و تصفيتها للأسف بعد فترة وجيزة من عملها بسبب نفوذ وكلاء شركات الاتصالات المنافسة  في ذلك الوقت ، لتعود صناعة الاتصالات من جديد في عام 1996 من خلال شركة مشتركة  ( السورية الكورية للاتصالات ) مع شركة سامسونغ (التي تم حلها بعد عشرين سنة من عملها  عام 2015 ….

لم تكن أوضاع كافة الشركات المشتركة جيدة  كما لم يكن أداء جزء منها بالمستوى المطلوب بسبب مجموعة من المشاكل والصعوبات منها على سبيل المثال وليس الحصر :

  • عدم وجود مرجعية واحدة تتابع أنشطة القطاع المشترك وتعالج مشاكله وترعى شؤونه وتساعد على تطويره وتوسيعه.
  • عدم بذل العناية اللازمة والمطلوبة في اختيار قيادات هذه الشركات وممثلي القطاع العام أو الدولة في مجالس إدارتها ( وهذا ينطبق في بعض الحالات حتى على الشريك من الطرف الآخر ) حيث يتم الاختيار في معظم الأحيان في إطار سياسة (التنفيع ) وحصر المزايا والمنافع  بالعلاقات والصلات الشخصية المعروفة  بعيدا” عن معيار الكفاءة والنزاهة.
  • محدودية الدعم العملي  الذي يلقاه هذا القطاع. اضافة إلى معاناة شركات هذا القطاع كما القطاع الخاص من الدور المعيق والسلبي لبعض القوانين والقرارات غير المشجعة التي كانت موجودة في ذلك الوقت وما يزال بعضها يعمل حتى الآن .
  • على الرغم من بعض المرونة النسبية التي يتمتع بها هذا القطاع إلا أن العقلية التي تحكم ادارته وعمله في حالات كثيرة كانت أقرب من ادارة القطاع العام .
  • يضاف إلى ذلك شبهات السمسرة والفساد فيما يتعلق بإقامة بعض الشركات المشتركة مع القطاع الخاص المحلي ….

ان الوضع غير المرض لعدد من شركات القطاع المشترك في المرحلة الراهنة  ينبغي ألا يستنتج منه  فشل وعدم نجاعة هذه التجربة  ، بل البحث عن أسباب ومكامن الضعف التي أدت إلى تعثر وضعف أداء  عدد من الشركات . من هنا فإن مراجعة واقع القطاع المشترك وتقييم التجربة مسألة ضرورية في هذه المرحلة بالذات ليس بهدف معالجة مشاكله وتطويره وتفعيل دوره وحسب ، بل من أجل استخلاص دروس التجربة العملية في هذا المجال للاستفادة منها في المرحلة القادمة .