صناعيو القابون ينتفضون ..
في اجتماع برئاسة رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 26 تموز الماضي تم اتخاذ مجموعة من القرارات المتعلقة بمنطقة القابون الصناعية ضمن مسمى “تطوير المناطق الصناعية بدمشق تنظيمياً وعمرانياً” . وقد تضمنت هذه القرارات وقف أعمال ترميم وتأهيل وإعادة تشغيل المنشآت الصناعية والحرفية الموجودة في المنطقة ، وتسليم أصحابها مقاسم معدة للبناء في مدينة عدرا ومنطقة فضلون الصناعيتين بمزايا تشجيعية تبدأ بفترة سماح لمدة اربع سنوات يتم بعدها تسديد الدفعة الاولى من سعر المقسم وتقسيط الباقي لمدة 20 عاما، وتقديم محفزات مادية واجرائية للصناعيين والحرفيين تتضمن تسهيلات الحصول على قروض للبدء بالبناء ، وذلك بعد استكمال عملية تملك المقسم واعداد الرخصة والمباشرة بالإنشاء . على أن تقدم طلبات الحصول على هذه المزايا خلال ثلاثة أشهر.ويستفيد من هذه الميزات كل الصناعيين والحرفيين في المنطقة الصناعية بالقابون بمن فيهم المالكون والمستأجرون. كما تقرر نقل الشركة الخماسية التابعة للقطاع العام الصناعي إلى مدينة عدرا الصناعية بعد نقل تجهيزات الشركة العامة للمغازل والمناسج اليها كخطوة أولى وإيقاف كل أعمال ترميم المنشآت والبنى التحتية في القابون الصناعية الى حين انجاز المخططات التنظيمية العام القادم.
أثار القرار ردود فعل سلبية من قبل اصحاب المنشآت الموجودة في المنطقة بعد أن بدأ قسم منهم بإعادة ترميم وتأهيل منشآتهم كون الأضرار التي لحقت بها ليست كبيرة وطالبوا بإلغاء هذا القرار لعدة أسباب في مقدمتها أن المنطقة تضم نحو 1500 منشأة صناعية وحرفية تعمل في مجالات النسيج والتريكو والحلويات والأدوية وغيرها ..وهي موجودة منذ عام 1950، وتم تنظيمها مطلع ستينات القرن الماضي، وتسميتها إدارياً كمنطقة صناعية، ويمتلك أصحاب المحال والمعامل سندات تمليك نظامية ولا توجد فيها صناعات ملوثة للبيئة . وأن نسبة الدمار التي لحقت بالمنشآت الواردة في تقرير محافظة دمشق ليست صحيحة . . وأن المناطق التي تم اقتراح النقل اليها غير ملائمة أبدا للصناعات الصغيرة والحرفية بسبب صعوبة نقل و توصيل المواد والعمال والزبائن وارتفاع تكاليفها .
وفي ضوء هذه الاعتراضات والاحتجاجات التي برزت فور هذا القرار ، تم عقد اجتماع حاشد للصناعيين في منطقة القابون بمقر غرفة صناعة دمشق وريفها لمناقشة الموضوع وقامت الغرفة برفع مذكرة لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 29/7/2018 طلبت فيها التريث بإصدار التشريعات اللازمة لترحيل صناعيي القابون للمدينة الصناعية بعدرا ، ومناقشة البدائل الاخرى التي تساعد على الحفاظ على حقوقهم وممتلكاتهم وتكليف لجنة محايدة من الصناعيين والغرفة ونقابة المهندسين لبيان الوضع الفني للعقارات في القابون نظرا لعدم موافقتهم على التقرير الذي قدمته محافظة دمشق في منطقة القابون ، وبيان البرنامج الزمني المتوقع بتحويل الوصف التنظيمي لمنطقة القابون ، وتوجيه رئيس الوحدة الادارية في القابون بعدم تهديد الصناعيين الذين يقومون بالترميم أو الانتاج بختم منشآتهم بالشمع الأحمر وتركهم يعتمدون على انفسهم بترميم وتشغيل منشآتهم ، وعدم توقف الخدمات العامة للمنطقة من كهرباء وهاتف ومياه . علماً أنه تم سحب بعض المحولات الكهربائية من المنطقة بعد تركيبها.
غرفة تجارة دمشق وجهت بدورها كتاباً لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 29/7/2018 بهذا الخصوص بينت فيه أن منطقة القابون كانت منذ أربعينيات القرن الماضي منطقة صناعية تضم العديد من المنشآت والورش الصغيرة والمتناهية الصغر التي تتناسب مع محيط المنطقة وتوفر اليد العاملة ومستلزمات الانتاج ، وأن كلفة نقل آلات وتجهيزات هذه المنشآت كبيرة ولايستطيع أصحابها تحملها ، وأن المناطق البديلة المرشحة لتكون مقراً جديداً لهذه المنشآت لا تتوفر فيها اليد العاملة المطلوبة وبالتالي ستزيد مشكلة البطالة ، وأن أي مساس بهذه المنطقة وإعادة تنظيمها لغايات أخرى يلحق ضرراً اضافيا بأصحابها الذين تحملوا سنوات الأزمة والخسائر. وطلبت المذكرة في النهاية دراسة الموضوع في ضوء هذه الأسباب ..
الغريب في الموضوع أن القرار المذكور جاء بعد مرور 45 يوماً على زيارة رئيس مجلس الوزراء ومحافظ مدينة دمشق ووزير الادارة المحلية ورئيس غرفة الصناعة وغيرهم للمنطقة التي كانت بتاريخ 21/06/2018، واطلاق الوعود بتأمين المواد الاولية لإعادة البناء والترميم لكامل المنطقة بسعر المؤسسات وتأمين الكهرباء والماء والهواتف وجميع الخدمات العامة ودعم البنية التحتية بالكامل شريطة معاودة الصناعيين العمل، خلال ستة أشهر وقد بدأ الصناعيون فعلياً بذلك وتم البدء بدعم البنية التحتية و تنظيف الطرق وتركيب محولات الكهرباء لجزء كبير من المنطقة !!!! .كما يستغرب الكثير من صناعيي القابون اختيار هذه المنطقة بالذات وفي هذه المرحلة في الوقت الذي توجد فيه العديد من المناطق حول دمشق وضمنها بحاجة إلى تطوير …
أخيراً لابد من التأكيد والتذكير مجدداً بأن المطلوب من الجهات الحكومية المعنية هو تمكين أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية من إعادة تأهيل وتشغيل منشآتهم في أقرب وقت ممكن وليس وضع عقبات ومصاعب جديدة فوق كل ما تكبدوه من خسائر نتيجة الأزمة الأمر ، الذي يتطلب إعادة النظر بهذا القرار من أساسه .
فؤاد اللحــــام
التعليقات الجديده