المطلوب بيئة استثمار حقيقية
ما يزال مشروع قانون الاستثمار الجديد قيد المناقشة واقتراحات التعديل سواء من قبل الجهات الحكومية المعنية أو من المهتمين بهذا الموضوع من الباحثين والمختصين والمستثمرين . العديد من الملاحظات والخلافات في الرأي ما تزال تظهر بشكل متجدد مع كل نسخة جديدة من مسودة هذا المشروع . وهي بالتأكيد ملاحظات هامة وجوهرية في مقدمتها تحديد تبعية هيئة الاستثمار التي تنقسم بين رئاسة مجلس الوزراء او وزارة الدولة لشؤون الاستثمار أو وزارة الاقتصاد وكذلك عضوية مجلس الاستثمار ومجلس ادارة هيئة الاستثمار والتخفيضات الضريبية والحوافز الممنوحة للأنشطة الانتاجية والسياحية والضمانات وغيرها ….
التعديلات الجديدة على مشروع قانون الاستثمار ، بما فيها الحوافز والاعفاءات ، على الرغم من ضرورتها وأهميتها ، ليست هي العنصر الضامن الوحيد والكافي لخلق البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات بل هي أحد عناصره ومكوناته . وتجربة السنوات الماضية سواء في تطبيق القانون رقم 10 السابق أوالمرسوم رقم 8 الحالي تؤكد ، أن بيئة الاستثمارلا تختصر بالإعفاءات بل بحزمة متكاملة من المكونات ما زلنا نحاول توفيرها دون تحقيق المطلوب حتى الآن وفي مقدمتها ما يلي :
1- ان تبسيط الإجراءات واختصار الفترة الزمنية التي تتطلبها عملية التشميل والترخيص والحصول على الموافقات العديدة التي تلي ذلك ، لا تقل أهمية بالنسبة للمستثمر من الاعفاءات ان لم نقل بقدرها أو أكثر منها ، والتي هي في بعض البلدان لاتتعدى العلم والخبر وفي بعضها الآخر لاتتعدى الساعات أو بضعة ايام بينما حددها المشروع بستين يوماً ومن يدري هل يتم الالتزام بهذه المدة أم لا ؟ .. ذلك أنه من المعروف أن الفترة ما بين انجاز دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع وبين دخوله مرحلة الانتاج تعتبر من أهم وأخطر مراحل تنفيذ المشروع بالنسبة للمستثمر بسبب المخاطر التي يمكن أن تبرز خلال هذه الفترة مثل منافس جديد أو تبدلات في الأسواق أو ارتفاع في التكاليف اكبر مما هو موجود حالياً أو متوقع الخ.. وبالتالي فإن أي مستثمر يرغب في تنفيذ مشروعه ودخوله مرحلة الانتاج في أقصر فترة ممكنة . وهذا الأمر لا يحل فقط بإحداث النافذة الواحدة التي تشمل كافة الجهات المعنية في التشميل والترخيص بل أيضاً بمستوى وصلاحيات وكفاءة ممثلي هذه الجهات في هذه النافذة والجهات الأخرى التي يبرز دورها بعد الحصول على قرار التشميل أو الترخيص .
2- ان بيئة الاستثمار تتطلب ضمان توفير شروط النزاهة والشفافية وافساح المجال لمن يرغب في دخول المجال الاستثماري الذي يريده دون فرض قيود معلنة أو غير معلنة على هذا المجال أو ذاك. ودون الحاجة إلى رعاية وتبريك هذا الطرف أو ذاك . أو فرض شراكة شكلية مجانية معه بالإكراه في المشروع الذي يزمع اقامته ، أو دون دفع نسب معينة لأفراد يشكلون الممر الاجباري لإقامة هذا المشروع أو ذاك خاصة اذا كان من المشاريع الهامة ، أو تفصيل قرارات وتعليمات وتلزيمات بشكل مسبق لصالح متنفذين قدامى ومتجددين وجدد .
خلق البيئة الصحية المناسبة للاستمار سواء الداخلي أو الخارجي هي أداة هامة في معالجة نتائج الحرب التي تجري في سورية وعليها وهي فرصة كبيرة من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بشكل عام والصناعة السورية بشكل خاص بسرعة وكفاءة وهي تتطلب رؤية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الدروس المستفادة من مرحلة ماقبل الأزمة وخلالها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للانتقال بسورية إلى بلد ناهض . وبدون ذلك ينضم قانون الاستثمار إلى قائمة قوانين رفع العتب التي تصدر دون تهيئة الشروط اللازمة لتنفيذها أويتم افراغها من مضمونها وابعادها عن غايتها من خلال تعليماتها التنفيذية .
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده