التشاركية الفعالة المطلوبة
اصبحت التشاركية ، على الرغم من تباين فهم دورها ومضمونها ، كلمة متداولة بشكل مستمر بين مختلف الجهات العامة والخاصة كإحدى الأدوات التي من شأنها معالجة عدد من القضايا الاقتصادية في هذه المرحلة وما بعدها ….
وعلى الرغم من الاختلاف الكبير في تقدير حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوري نتيجة الحرب الدائرة في سورية وعليها بين العديد من الجهات المحلية والاقليمية والدولية ، إلا أنه من المؤكد أن الجهات الحكومية بظروفها الحالية وإمكاناتها الذاتية المادية والبشرية غير قادرة ، منفردة، على إنجاز مهمة إعادة البناء والإعمار بالشكل والوقت المناسبين، خاصة إذا أخذنا بالحسبان أن المطلوب لا ينحصر في إعادة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كما كانت عليه قبل الأزمة، أو تعويض ما كان ممكناً تحقيقه لولا حدوثها وحسب، بل المطلوب أيضاً تحويل الأزمة إلى فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري بمختلف قطاعاته وفق استراتيجية تنموية شاملة ورؤية وطنية جامعة تقوم على تعبئة قدرات السوريين وإمكاناتهم المادية والعلمية، والاستفادة من مختلف أنواع الدعم الإقليمي والدولي الممكن للانتقال بسورية في أقرب وقت ممكن إلى دولة بازغة، كالعديد من البلدان التي خرجت من أزماتها وحروبها إلى مستوى متقدم من التطور والنمو ودون إغراقها بمديونية كبيرة ترهقها وترهق الأجيال القادمة.
من هنا تغدو التشاركية مع القطاع الخاص الوطني أولاً والأجنبي تالياً ( في مجالات محددة يتم التوافق حول أهميتها وأولويتها ) الحل الأقل سوءاً والأقل كلفة والأكثر سرعة وكفاءة لإنجاز المهام المطلوبة في مرحلة إعادة البناء والإعمار . لكن بالمقابل يجب ألا يغيب عن الأذهان حقيقة أن خيار التشاركية تشوبه محاذير ومخاطر عديدة، لابد من أخذها بعين الاعتبار مع ضرورة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة تلك المخاطر والسلبيات ، وضمان عدم حرف الغاية المرجوة منها بتحويلها إلى ممر وأسلوب متجدد للفساد والتفريط بالمال العام والمرافق والثروة الوطنية لحساب فئة قليلة اعتادت على تفصيل القوانين على مقاسها ووفق رغباتها ومصالحها. آخذين بعين الإعتبار أن الوضع والفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات اتسعت حالياً بشكل لا يقارن بالوضع ما قبل الأزمة و أن الأفواه كبرت والبطون اتسعت والكعكة كبيرة ومشهّية. ما سيدفع كل جهة طامحة إلى فعل المستحيل من أجل الحصول على أكبر حصة منها وبمختلف السبل سواء بإمكاناتها الذاتية أو بشراكة أو رعاية من مراكز قوى محلية وإقليمية ودولية. كما أنه من المحتمل أن يكون تقاسم هذه الكعكة وتوزيعها بين تلك المراكز وشركائها أحد أسباب توافقها على تسوية الأزمة السورية…
لذلك فإن من أهم المهام في هذه المرحلة والمرحلة المقبلة ضمان الشفافية في تنفيذ التشاركية، سواء لجهة عدم التفريط وعدم التنازل عن المرافق السيادية الأساسية ، أو لجهة ضمان النزاهة والسلامة في الإجراءات التنفيذية لهذا التوجه، وبضمن ذلك عملية طرح المشاريع وتلزيمها واختيار ممثلي الجهات العامة المشاركين فيها .
فؤاد اللحــــام
التعليقات الجديده