يوليو 12, 2019 كلمة تقال 0 تعليقات

اعادة الاعمار وأولوية التأهيل والتدريب

في كل مرة ننظر فيها إلى الدمار والخراب الذي حاق  بالمنشآت الانتاجية والخدمية والأراضي الزراعية في معظم المدن والمناطق السورية يتكرر السؤال المستمر عن كلفة إعادة تأهيل هذه المنشآت والمرافق والزمن الذي تحتاجه لذلك . ونستعرض باستغراب أحياناً وباندهاش أحياناً أخرى الأرقام التي تظهر بين حين وآخر حول كلفة وزمن هذه العملية ، ولا نتوقف عند الحجر وحسب بل نصل إلى الزمن المطلوب لإعادة بناء الانسان كعلم وقناعة وثقافة وقدرة على التسامح والعطاء . ..

أسئلة وقضايا عديدة من الضروري أن تثار وتناقش منذ الآن حول كل هذه المواضيع وما يتعلق بها من أمور تتأثر بها وتؤثر عليها وصولاً إلى الرؤية الوطنية التي يحب التوافق عليها في أقرب وقت والتحضير لتنفيذها أو / و المباشرة الفورية بتنفيذ ما تتطلبه مرحلة التحضير منها ..

أحد الأسئلة الهامة التي تطرح اليوم يقول : في ظل هجرة ونزوح نصف سكان سورية ، من سيقوم بتنفيذ عملية إعادة بناء المدن والمناطق والمنشآت والبنى التحتية المدمرة ؟ هل نستورد عمالة من افريقيا أو آسيا ؟ أم هل نعتمد على ما هو موجود ونقبل بما يمكن انجازه مهما استغرق من وقت ومهما كانت نوعية الانجاز وجودته وكلفته ؟ خاصة في ظل عدم توفر الكفاءات والخبرات المطلوبة والكافية للقيام بكل هذه المهمة ؟ اضافة إلى نقص الكوادر الفنية الذي تعاني منه المنشآت الانتاجية والخدمية  العامة والخاصة في الوقت الراهن  ….

بالتأكيد لا يمكننا الاستغناء عن الخبرات الخارجية في هذه المجالات ، لكننا لا يمكن أن نتبع ما قامت به بعض الدول الخليجية وغيرها  ذات أعداد السكان المنخفضة باستيراد اليد العاملة لعدة أسباب موجودة في سورية. أولها ضخامة المهام المطلوبة ، وثانياً وجود بطالة عالية وبشكل خاص في المستويات الدنيا من التعليم والتأهيل ، ووجود أعداد كبيرة من النازحين والمهجرين داخلياً وفي البلدان المجاورة . اضافة إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية عما ورد وفي مقدمتها الواجب الوطني وحق المواطن في المساهمة بهذه العملية وتمكينه بشكل لائق من القيام  بذلك.

من هنا تبرز ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية لعملية التأهيل والتدريب لمعالجة هذه المسألة بالشكل العلمي والعملي المطلوبين ، تقوم بشكل أساسي على رصد الاحتياجات مادياً وزمنياً، وتحديد الأولويات،  والبدء بتنفيذها ، وعدم اقتصارها فقط على مجالات محددة كما هو قائم الآن بالنسبة لعدد من المشاريع التي تنفذها الجمعيات الأهلية المحلية أو / و المنظمات الدولية . بل التركيز أيضاً على المهن والحرف التي تتطلبها عملية إعادة البناء وتشغيل المنشآت المتوقفة والعاملة جزئياً . وهنا تبرز ضرورة الاستفادة من الخبرات الخارجية سواء فيما يتعلق بإقامة مراكز تدريب جديدة أو تحديث وتطوير الموجود منها حالياً اضافة إلى تدريب المدربين ..

نقطة أخرى من الضروري العمل عليها بالتوازي وهي اشراك المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية التي تعنى بشؤون النازحين في البلدان المجاورة بهذه العملية وقيامهم بتدريب المهجرين على الاختصاصات والمهن المطلوبة  . لأن ذلك لا يخدم فقط توفير العمالة الفنية اللازمة لعملية إعادة الإعمار وحسب بل يشجع على العودة الكريمة والفعالة لأرض الوطن …

                                      فؤاد اللحــــام