بدائل المستوردات من جديد
تشهد الفترة الحالية صدور عدة توصيات وقرارات حكومية تتضمن اضافة مواد جديدة بين الحين والآخر إلى قائمة صناعة بدائل المستوردات. ومن المعروف أن قسماً من هذه المواد ينتج محلياً في الوقت الراهن ، وقسماً آخر يجري بحث إمكانية انتاجه مستقبلاً .
الواردات الصناعية الحالية ، كما سبق أن بينا في مقال سابق ، تتضمن المنتجات التي لا تنتج أصلاً محلياً ، او التي لا يغطي انتاجها الحاجة المحلية. اضافة إلى الواردات ( المؤقتة ) الناجمة عن خروج عدد من المنشآت الانتاجية الزراعية والصناعية عن الانتاج كلياً أو جزئياً بسبب الأزمة.
صناعة بدائل المستوردات ليس مفهوماً جديداً على سورية . حيث اعتمد ونفذ منذ فترة طويلة وبشكل خاص منذ سبعينات القرن الماضي . وكانت نتيجته اقامة العديد من هذه الصناعات نجح بعضها وتعثر بعضها الآخر. وبالتالي فإن إعادة تفعيل هذه العملية اليوم بشكل ناجح وسليم يتطلب التوقف عند الدروس المستفادة من تجربة الفترة الماضية بسلبياتها و ايجابياتها .
مما لاشك فيه أن ظروف المقاطعة و الحصار المفروض على سورية ، وضرورة توفير الحاجة المحلية من عدد من المنتجات الرئيسية الهامة التي يتم استيراد كميات كبيرة منها لتلبية الحاجة المحلية ، تتطلب البحث في امكانية توفير ما يمكن من هذه المنتجات محلياً . لكن هذا شيء وتوسيع نطاق هذه الصناعات واعتماده كتوجه اساسي للصناعة السورية مستقبلاً شيء آخر . وهو أمر لا يمكن اعتماده إلا في ضوء اجراء دراسات اقتصادية جدية لتبريره ، مع الأخذ بعين الاعتبار أوضاع السوق المحلية والاقليمية وما يمكن من الأسواق الخارجية المستهدفة الأخرى ، وتحقيق الميزة التنافسية لهذه المنتجات من حيث الجودة والسعر للنفاذ اليها.
من أهم الدروس المستفادة من تجربة الفترة السابقة ضرورة توفير الدعم والحماية الذكية والفعالة للمنشآت الانتاجية الوطنية بشكل يحفزها على العمل المستمر لتحسين نوعية منتجها وميزته التنافسية من حيث الجودة والسعر والنفاذ للأسواق الخارجية وتجنبها حالة الكسل والخمول اعتماداً على سياسة حمائية غير فعالة تشجع التهريب . كما أن نجاح هذه العملية يتطلب وجود عمالة محلية كافية ومؤهلة لتلبية هذه الاحتياجات من خلال توفير مراكز التدريب والتأهيل اللازمة من حيث الأبنية والتجهيزات والمدربين واتخاذ الاجراءات اللازمة لتشغيل المتدربين والمحافظة عليهم.
ولعل أهم ما يجب مراعاته في هذا المجال هو توفير العلنية والشفافية والتنوع في ترخيص وتنفيذ مشاريع انتاج بدائل المستوردات وتمويلها بشروط ميسرة بعيداً عن تفصيل هذه الأمور والاجراءات لمصلحة أشخاص أو مجموعات محددة . والعمل الجاد على تشغيل المنشآت المتوقفة و توفير أقصى ما يمكن من سلسلة انتاج هذه المنتجات محلياً لتحقيق الميزة التنافسية للمنتج المحلي.
أخيراً ينبغي التذكير بأن انتاج بدائل المستوردات لا يعني بالضرورة توفير القطع الأجنبي ، لأن هذه العملية تتطلب أيضاً قطعاً أجنبياً لتجهيزاتها وعدد من مدخلات انتاجها ، ولكنه يتم أيضاً وكما هو معروف ، من خلال زيادة التصدير وهو ما يعيدنا إلى ضرورة دعمه وتشجيعه.
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده