يناير 10, 2020 كلمة تقال 0 تعليقات

عام جديد .. ومطالب متجددة

الحديث الرسمي عن عودة العديد من المنشآت الصناعية والحرفية في المدن والمناطق الصناعية الى العمل والانتاج  يبعث شيئاً من التفاؤل بقطع خطوات متقدمة في التعامل مع الأزمة ونتائجها وبدء تعافي الصناعة مما وصلت اليه وعانت منه قبل الأزمة وبسببها.

لكن عند التدقيق في الأرقام الرسمية المعلنة  ومقارنتها بما هو قائم على الأرض  حالياً ، تتبدل  الصورة بعض الشيء  وتطرح أسئلة عديدة في مقدمتها : ما هي أوضاع المنشآت التي عادت للتشغيل ؟ وكم هي عدد أيام وساعات عملها الفعلية  ونسبة تشغيلها الواقعية ؟

الجواب المؤسف الذي نسمعه من العديد من الصناعيين ( وطبعاً بدون التعميم ) هو أن إعادة التشغيل والانتاج قد تمت  لكن نسبة التشغيل منخفضة وفي معظم الحالات لا تتجاوز 50% . الأمر الذي ينعكس سلباً على تكاليف تشغيل هذه المنشآت ومنتجاتها وقدرتها التنافسية سواء في السوق الداخلية أو ما يمكن من السوق الخارجية . كما تؤثر عملية التوقف وإعادة التشغيل سلباً  ليس فقط في ارتفاع التكاليف وانما أيضاً على الوضع الفني للآلات والتجهيزات ..

وعند السؤال عن أسباب ذلك تأتي الاجابة المماطلة  وعدم تنفيذ قائمة المطالب المعروفة التي تتكرر في كل لقاء أو مناسبة تجمع بين الصناعيين والجهات الحكومية المعنية.  أو في أحسن الأحوال تنفيذ جزء يسير منها .  وليس خافياً على أحد أن هناك عدداً من المنشآت عادت للتوقف وأبدى أصحابها الندم على تشغيلها  وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية وتراجع سعر صرف الليرة السورية . وهو ما يثبط عزيمة الصناعيين الآخرين داخل البلاد وخارجها  في  العودة وإعادة تشغيل منشآتهم.

وحتى لا يتم الطرح  في اطار التنظير والمطالب غير الواقعية أو غير الممكنة خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها سورية ، لابد من التأكيد مجدداً على ضرورة الخروج من الدوامة  التي تضم مطالب الصناعيين  العديدة والمتنوعة التي لا نختلف على ضرورتها وأهميتها من ناحية ،   والوعود الحكومية التي يتم اطلاقها دون تقدير مدى امكانية تنفيذها مادياً وزمنياً من ناحية أخرى . وذلك من خلال الاعتماد على صيغة جديدة من التعامل بين الطرفين تستند إلى تحديد وترتيب الأولويات التي يحتاجها الصناعيون لإعادة ومتابعة استمرار تشغيل منشآتهم  وما يمكنهم القيام به  في هذا المجال، والامكانيات المتاحة لتنفيذ ما يحتاجونه  من قبل الجهات الحكومية المعنية ، ومناقشة ما يقدمه كل طرف بشكل مشترك وبكل وضوح وصراحة وصولاً إلى التوافق على جدول محدد وواضح  لما هو مطلوب وممكن من كل طرف و البرنامج الزمني لتنفيذه وآلية متابعته دورياً وبشكل مشترك.

اذا كنا  نجمع على أن الانتاج المادي الفعلي هو أهم مخارج معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها حالياً ، فإن الانسجام مع هذه القناعة والطرح ،  يتطلب اعتماد  أولوية القطاع الصناعي والزراعي عن القطاعات الأخرى.  وهو ما يجب التركيز عليه وتشجيعه وتوجيه الموارد العامة والخاصة الممكنة والمتاحة نحو هذين القطاعين فعلياً وليس بالتصريحات.

                                                                                                      فؤاد اللحــــام