أولويات مواجهة الصناعة لكورونا
بعد كل ما جرى ويجري من اجراءات للحماية من جائحة كورونا ومواجهة نتائجها الفعلية حتى الآن والمتوقعة مستقبلاً ، يطرح سؤال هام ، من بين العديد من الأسئلة الهامة الأخرى ذات العلاقة بالموضوع ، حول ما يجب القيام به لإنقاذ صناعتنا الوطنية من أثار هذه الجائحة ؟
فعلى الرغم من استثناء المنشآت الصناعية من اجراءات الحظر والمنع التي تم اتخاذها، و استمرار العديد من المنشآت الصناعية بالعمل والانتاج وخاصة التي تنتج المواد الغذائية والمنظفات والمعقمات وألبسة وكمامات الحماية الطبية ومواد التعبئة والتغليف اللازمة لهذه المنتجات ، إلا أن أعداداً كبيرة أخرى من المنشآت الصناعية في العديد من المدن والمناطق الصناعية لم تستطع حتى الآن معاودة العمل . كما أن العديد من المنشآت الصناعية الصغيرة والمتناهية الصغر سواء النظامية أو غير النظامية قد توقفت عن الانتاج أو / و تصريف ما هو موجود لديها منه ، وأصبح أصحابها والعاملون فيها رهن البطالة لأسباب عديدة منها انخفاض الطلب على منتجاتهم بسبب توجه أولويات انفاق المستهلكين على الغذاء والدواء ، أو بسبب عدم التمكن من الحصول على بعض مستلزمات انتاجهم من مراكز تزويدهم بهذه المستلزمات – كما في صناعة الألبسة على سبيل المثال – بسبب الاجراءات المتخذة حالياً .كما تزداد احتمالات عدم عودة قسم غير قليل من المنشآت الصناعية المتوقفة للإنتاج بعد انحسار أزمة كورونا بسبب عدم توفر الامكانيات المادية لدى أصحابها ، خاصة في ظل استمرار الظروف والصعوبات التي كانت تعاني منها الصناعة السورية قبل حدوث أزمة كورونا والأوضاع المستجدة المتوقع حدوثها محلياً واقليمياً ودولياً ومن ضمنها توقع ازدياد حدة العقوبات المفروضة على سورية وحدوث أزمة اقتصادية دولية حادة تنعكس آثارها على مختلف دول العالم.
الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ، ولو كانت متأخرة بعض الشيء ، يمكن أن تساعد جزئياً ،حتى الآن ، في معالجة آثار كورونا . لكن المشكلة الأساسية تكمن في الخسائر الكبيرة التي مني بها الاقتصاد الوطني وخصوصاً القطاعات الخدمية والانتاجية العامة والخاصة، والتراجع الكبير في المستوى المعاشي للمواطنين، وبالتالي ضرورة توفير التمويل اللازم لمعالجة كل هذه الأمور في أقرب وقت ممكن وأنجع أسلوب.
ومن هذا المنطلق تبرز بشكل ملح ضرورة اتخاذ اجراءات جدية لتأمين الخروج من آثار هذه الجائحة في أقرب وقت وأسلم طريقة مع مراعاة – قدر الامكان – التنسيق والتكامل بين الاجراءات المتخذة لمعالجة جائحة الكورونا من ناحية ومعالجة آثار الأزمة التي تعيشها سورية منذ عام 2011 من ناحية أخرى . وفي مقدمتها إعادة النظر بتوزيع أبواب موازنة عام 2020 وفق متطلبات مواجهة الأزمة بما يؤمن تأمين احتياجات المواطنين الأساسية و توفير الامكانيات اللازمة لكافة المنشآت الانتاجية الصناعية والزراعية من أجل الاستمرار بالعمل وزيادة انتاجها لتلبية أقصى ما يمكن من الحاجة المحلية ، ودعم المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر من أجل معاودة العمل والانتاج ومنحها التسهيلات اللازمة لذاك . وتأجيل سداد الديون والضرائب والرسوم والالتزامات الأخرى (كهرباء ، ماء، اتصالات الخ…) وخفض أسعار المحروقات، وتكثيف الجهود مع الأصدقاء والحلفاء للعمل على رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية ، وتقديم المساعدات اللازمة لمواجهة آثار الأزمة . في ذات الوقت الذي يجب فيه معالجة الأعباء الجديدة للمواطن سواء نتيجة فقدان العمل أو / و انخفاض القدرة الشرائية لدخله بما يساهم في استمرار الطلب على المنتجات المحلية بمختلف أنواعها من خلال المنح والمساعدات والتعويضات بمختلف الصور والأشكال المناسبة .
الصناعيون كذلك مطالبون بالصبر والتعامل بمهارة مع هذه الظروف من خلال التواصل قدر الامكان مع الزبائن لضمان تسويق ما يمكن من منتجاتهم حالياً ومستقبلاً بالأساليب الممكنة والمبتكرة للحد من الخسائر والتعامل مع هذه الظروف كفترة عمل واستعداد للانطلاق مجدداً الذي نأمل ، ويجب أن نعمل، أن يكون في أقرب وقت .
فؤاد اللحــــام
التعليقات الجديده