الصناعة كالمواطن من أزمة إلى أخرى
الأزمات غير المسبوقة التي يعيشها المواطن السوري في هذه الأيام لم تتوقف عنده وحسب بل انعكست بأكثر من شكل على الصناعة التي كان وما يزال فيها ما يكفيها هي الأخرى من أزمات . ودون انكار دور الأزمة العامة التي تعيشها سورية ، وآثارها ومنعكساتها ، وصعوبات مواجهة الحصار ، ينبغي القول أن الأمور لا تبشر بالخير لجهة التعامل مع كل هذه الأمور . لأن الارتباط والتشابك بين وضع المواطن المعيشي ووضع المنشآت الصناعية الانتاجي والتسويقي يجعل الصعوبات التي يواجهها أي طرف تنعكس على أوضاع الطرف الآخر . فضعف القدرة الشرائية للمواطن تنعكس على الطلب على المنتجات الصناعية حتى تلك التي وضعها في سلم أولوياته كالسلع الغذائية والدوائية . كما أن توقف أو تباطؤ حركة الانتاج سوف تخلق قصوراً في تلبية احتياجات المواطن الأساسية ومنعكسات سلبية على توفر المواد في السوق المحلية وسعر القطع الأجنبي . في ذات الوقت الذي لا يمكن فيه اغفال دور اجراءات مواجهة جائحة كورونا الواضح والمؤثر على هذه الأوضاع .
ضعف الطلب الداخلي وتراجع التصدير ، وانخفاض سعر العملة الوطنية ، وارتفاع تكاليف الانتاج ونقل المنتج النهائي، وتراجع وضع الطاقة والمحروقات وارتفاع أسعارها ، وايقاف القروض والتسهيلات ثم معاودتها بشروط أصعب وتعقيدات جديدة وغير ذلك …. كل هذه الأمور وغيرها أصبحت واضحة ومعروقة للجميع . وتحولت إلى مصدر تهديد دائم لتوقف العديد من المنشآت الصناعية عن الانتاج وهو ما لم يخفه العديد من الصناعيين من خلال انتقال تصريحاتهم من الأحاديث الجانبية والشكاوي فيما بينهم إلى العلنية ، ويتم ذلك بعد كل التصريحات الرسمية ، وعلى كافة المستويات ، عن ارتفاع نسبة المنشآت التي تم إعادة تأهيلها وتشغيلها والاشادة المعسولة بدور وأهمية الصناعة في مواجهة الأوضاع الصعبة التي تواجهها البلاد . في ذات الوقت الذي ما تزال فيه الوعود تتوالى المرة تلو الأخرى دون اجراءات تنفيذية ملموسة لمعظمها ، وتوصيات المؤتمر الصناعي الثالث التي اعتمدت رسمياً من قبل مجلس الوزراء أوضح دليل على ذلك.
نعود للتأكيد مجدداً بأن الأزمات المتعددة والواسعة التي تشهدها سورية ليست شيئاً مفاجئاً وكان من واجب خلايا الأزمة الموجودة هنا وهناك أن تتخذ الاجراءات اللازمة قبل وقت كاف استعداداً للتوقعات المؤكد حدوثها بهذا الشكل أو ذاك، وعدم الاستمرار بسياسة العمل يوماً بيوم التي ندفع ثمنها الباهظ هذه الأيام . ولأن كفاءة الادارة الحقيقية ، كما بينا أكثر من مرة على هذا الموقع ، تبرز خلال الأزمات وفي مواجهتها ، فإن المطلوب من كافة الجهات الحكومية المعنية وعلى كافة المستويات البدء فوراً بتنفيذ أولويات معالجة أوضاع الصناعة السورية التي أصبحت معروفة للجميع وفق برنامج زمني محدد بعيداً عن سياسة الوعود والتأجيل وقبل فوات الأوان.
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده