نحو حوار مثمر
ما تزال الاجتماعات واللقاءات تتوالى بين المسؤولين على مختلف المستويات وبين الصناعيين وممثليهم في غرف الصناعة. ، وتتردد في نهاية كل اجتماع تصريحات تؤكد رغبة الجميع في العمل على تجاوز الأزمة التي تعيشها الصناعة السورية ومصاعبها ، وتمكينها من القيام بالدور المطلوب منها في تلبية الاحتياجات المحلية وتوفير القطع الأجنبي وخلق المزيد من فرص العمل . في ذات الوقت الذي تستمر فيه عملية رفع المذكرات والكتب من قبل الغرف والاتحادات إلى الجهات المعنية تطالبها بالإسراع بتنفيذ تلك الوعود والتصريحات .
لكن وعلى أرض الواقع. ما تزال معظم السياسات والقرارات التي يتم اتخاذها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية عموماً والصناعية خصوصاً ، تقوم على قاعدة العمل يوماً بيوم . وهو ما أدى إلى اتخاذ العديد من القرارات والاجراءات الآنية دون ربطها برؤية أو خطة مستقبلية . وباستثناء عدد محدود من هذه القرارات والاجراءات ، كانت القرارات الأخرى موزعة بين الارتجال والتسرع أو التأخر والتباطؤ أو عدم القدرة على التطبيق والتنفيذ . فقسم من القرارات تم اتخاذه بشكل متسرع سرعان ما ثبت عدم جدواه وقصوره في تحقيق الأهداف المعلنة منه ومن ثم جرى البحث في وقف تنفيذه أو تعديل تعليماته التنفيذية ، وإعادة قطع التصدير ومؤونة الاستيراد أحد الأمثلة على ذلك . والقسم الآخر يظل يستأثر لفترة طويلة بمطالب الصناعيين لأهميته في إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية وتمكينها من تلبية الحاجة المحلية والتصدير يتم التأخر والمماطلة باتخاذه ، وموضوع التمويل ومعالجة القروض المتعثرة وقانون الاستثمار أحد الأمثلة على ذلك. والقسم الآخر يضم تلك الاجراءات والقرارات التي تم اتخاذها دون دراسة كافية لإمكانيات تطبيقها الأمر الذي حال دون تنفيذها أكثر من 4 سنوات واحداث مؤسسة ضمان مخاطر القروض وتفعيلها مثال على ذلك . اضافة إلى كل ذلك فإن قرارات المؤتمر الصناعي الثالث الذي عقد بحلب بتاريخ 5-11-2018 وبحضور مجلس الوزراء ومن ثم اعتماد توصياته في اجتماع لاحق للحكومة بتاريخ 21/1/2019 ، لم تنفذ معظم توصياته .وعليه تم تأجيل المؤتمر الصناعي الرابع الذي كان مقرراً عقده في دمشق بتاريخ 23/11/2019 حتى اشعار آخر.
الجهات الحكومية تكرر بدورها عدم قدرتها على تلبية كافة المطالب بسبب المقاطعة والحصار وتراجع ايراداتها سواء من صادرات النفط والمنتجات الأخرى أو من عائداتها من الرسوم والضرائب واضطرارها إلى استيراد العديد من المنتجات التي كانت تصدرها مثل النفط وبعض مشتقاته والقمح والسلع الأساسية الأخرى. وتطالب الصناعيين وغيرهم بتقديم مطالب معقولة والالتزام بتسديد الضرائب والرسوم والالتزامات المالية الأخرى التي من شأنها زيادة الايرادات العامة لتتمكن عندها الجهات المعنية من الوفاء بالتزاماتها تجاه الصناعيين وغيرهم .
بالنتيجة يطالب كل طرف الطرف الآخر بمراعاة ظروفه وامكانياته وتنفيذ ما هو مطلوب منه لصالحه . والمطلوب الخروج من هذه الدوامة من خلال حوار مسؤول بمشاركة خبراء مختصين بالقضايا المطروحة تتحدد فيه أولويات كل طرف وامكانياته في تنفيذ هذه الأولويات ووضع برنامج مادي وزمني للتنفيذ تتوزع فيه المهام والمسؤوليات بين الأطراف المعنية وتكون الأولوية الأولى فيه لإعادة تشغيل المنشآت الصناعية واستمرار العامل منها لأنها ستعيد الحياة إلى الأسواق وستعيد حركة الايرادات العامة إلى النشاط من جديد .
فؤاد اللحــــام
التعليقات الجديده