اللعب بالأرقام
كما في اية حالة مرضية ، لا يمكن تحقيق المعالجة الصحيحة والفعالة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الراهنة دون الوقوف على الوضع الحقيقي الراهن لهذه الأوضاع والمشاكل .
ما نشهده اليوم من تضارب البيانات والأرقام وانتقاء نشر بعضها وإخفاء بعضها الآخر يشير إلى صعوبة الوقوف على الوضع الحقيقي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشفافية ووضوح . وبالتالي تمكين المختصين من اقتراح الاجراءات الصحيحة المطلوبة .
اسباب عديدة تكمن وراء بروز واستمرار هذه الحالة في مقدمتها عدم معرفة الوضع الراهن على حقيقته ، أو عدم الافصاح عنه لأسباب عديدة، أو انتقاء ما يناسب من هذه الأرقام والبيانات وتسويقها كمنجزات لخدمة الوضع الشخصي لهذا المسؤول أو ذاك . وكل هذه الأسباب أدت وما تزال إلى الى عدم فعالية معظم الاجراءات والتدابير التي تم ويتم اتخاذها استناداً لهذا الواقع .
على سبيل المثال هناك أرقام عديدة نشرت وما تزال تنشر حول الانتاج والمبيعات والتصدير والتمويل….. يمكن تصنيفها تحت هذه ما سبق ذكره . فالحديث مثلاً من قبل هذه الجهة العامة أو تلك عن ارتفاع قيمة مبيعاتها و زيادة نسبتها عن العام السابق واعتبار ذلك انجازاً هاماً ، يتحول إلى نوع من اغفال الواقع عندما يكون الرقم المعلن بالأسعار الجارية دون مراعاة نسبة التضخم وأنه جاء بسبب رفع الأسعار وليس عن طريق زيادة نسبة التنفيذ من خطة الانتاج والتسويق التي غالباً ما تكون نسبة تنفيذ المخطط منها متدنية .. وبدلاً من معالجة أسباب انخفاض نسبة الانتاج يتم تحويل هذا التقصير إلى انجاز …
عميد الاحصاء في سورية المرحوم الدكتور عادل العاقل يقول في مقدمة أحد كتبه : الكذب ثلاثة أنواع الكذب العادي والكذب الأبيض والاحصاء . ونحن اليوم في أشد الحاجة لأن يكون الاحصاء أكثر حداثة ومصداقية لنتمكن من معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بكفاءة بعيداً عما نشهده اليوم بشكل واضح من حالات التخبط والارتجال في اتخاذ القرارات وتنفيذها.
فؤاد اللحـــام
التعليقات الجديده