قرارات مجتزئة.. ونتائج مؤسفة
من المعروف أنه عند التفكير باتخاذ قرار ما ، سواء على المستوى الشخصي أو العام، لابد من تحديد الهدف الأساسي من هذا القرار ومناقشة آثاره ومنعكساته السلبية والايجابية القريبة والبعيدة وأثرها على تنفيذ الهدف الأساسي منه والاجراءات المطلوبة لتعظيم الفوائد المرجوة منه وتقليل أقصى ما يمكن من آثاره السلبية ، إذا لم يكن بالإمكان تجاوزها أساساً ، وكذلك مخاطر الالتفاف عليه وافراغه من مضمونه .
على أرض الواقع – اذا تركنا جانباً القرارات على المستوى الشخصي وركزنا على القرارات ذات الشأن العام – فإن الغالبية العظمى من القرارات الحكومية ماتزال تفتقر إلى هذه المنهجية سواء في الاعداد أو في الدراسة والاقرار. بحيث ما أن يصدر أي قرار من هذه الجهة العامة أو تلك حتى تبرز على الفور الآثار والمحاذير السلبية عليه وتضارب المصالح التي تنجم عن تطبيقه ، ما يضطر هذه الجهة العامة ، أو الجهة الأعلى منها ، للبحث عن اساليب تدارك الأمر ان أمكن ذلك . والأمثلة على هذه الأمور عديدة وفي أكثر من مجال نذكر منها على سبيل المثال في المجال الصناعي القرارات المتعلقة بإعادة قطع التصدير ، وتمويل المستوردات، واستيراد الأقمشة المسنرة ومادة الشورتينغ وأشباه الألبان والأجبان، وعمليات البيع والشراء، والسحب من المصارف ، ونقل الأموال بين المحافظات ، ورفع أسعار الوقود والكهرباء وغيرها ……
من المؤسف، وكما يبدو واضحاً، أن أي مسؤول قام بتوقيع مثل هذه القرارات لم يتأكد من آلية دراسة مشروع القرار مع مرؤوسيه بالشكل المطلوب، ولم يحاسب من قدم له مشاريع تلك القرارات غير مدروسة التي أصدرها بشكل كاف، وعوضاً عن ذلك يكون المخرج ، على الأغلب ، العودة إلى تعديل هذا القرار أو ذاك من جديد وغالباً بذات الذهنية والآلية …
عندما ترتفع التكاليف على الصناعي والحرفي ويضطر إلى عكسها على سعر منتجاته فهل يستطيع المستهلك المحلي شراءها ؟ وهل يستطيع هذا المنتج منافسة المنتج الأجنبي في البلدان المستوردة ؟ ولكون الجواب معروف سلفاً فإن السؤال الأهم هو ما مصير هذه المنشآت في ظل ارتفاع تكاليف انتاجها وضعف الطلب على منتجاتها بعد أن قامت الجهات المعنية برفع الأسعار والتغني بخفض العجز وزيادة الموارد وايصال الدعم إلى مستحقيه ؟؟
الموضوع لا تقتصر آثاره السلبية على ما ذكر فقط بل ، وهو الأهم، أن العديد من هذه القرارات، يتم اتخاذها بشكل مجتزأ بعيد عن رؤية شاملة ومتكاملة ، ما نزال نفتقر اليها حتى الآن ، على مستوى الاقتصاد الوطني بشكل عام وعلى مستوى القطاع الصناعي بشكل خاص ، على الرغم من ضرورتها وأهميتها ، بحيث يتم اعتبار أي قرار جزأً مكملاً ومتكاملاً مع هذه الرؤية وبشكل يساهم في تنفيذ الأهداف المرجوة من هذه الرؤية من حيث الكفاءة والجهد والكلفة والوقت .
فؤاد اللحـــام
التعليقات الجديده