الرأي الآخر وضيق سعة الصدر
أتذكر دائماً رسماً كاريكاتوريا قديماً للفنان رائد خليل نشر في جريدة النور منذ سنوات عديدة يتضمن مسؤولاً مستلقياً على سرير الفحص في عيادة طبيب ، والطبيب يقول لهذا المسؤول بعد فحصه : “معك ضيق في سعة الصدر”.
ضيق سعة الصدر بالرأي الآخر مرض مستعصي في حياتنا الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية . ويمكن اعتباره أحد وأهم الأسباب الأساسية فيما وصلنا اليه اليوم . فالمسؤول مهما أعلن عن ترحيبه وتشجيعه للنقد والرأي الآخر إلا أنه على أرض الواقع لا ينفذ هذا القول عملياً سواء من خلال حظر البيانات والمعلومات المتعلقة بأداء الجهة التي يرأسها عن الاعلام والباحثين والمختصين أو في تقديمها حصراً لجوقة المطبلين والمزمرين بإنجازاته من خلال التلاعب والتفنن بالأرقام وتلميع صورته من خلال اظهار الانجازات الشكلية التي حققتها الجهة التي يتولى ادارتها ومسؤوليتها – ان تحققت فعلاً- وبذلك تصبح الطلبات والتوجيهات بإتاحة البيانات والمعلومات أما المختصين والخبراء والاعلاميين وفق التصريحات الرسمية حبراً على ورق .
الأسوأ من ذاك هو أنه غالباً لا يتم الاكتفاء بمنع وحصر المعلومات والبيانات بل يترافق ذلك بردود جامدة وجاهزة ومشككة من قبل المطبلين والمزمرين تتهم الرأي الآخر ليس بالجهل وحسب بل يصل إلى حد التشكيك والاتهام بإثارة المشاكل والاساءة إلى منجزات هذا المسؤول والجهة التي يرأسها .
هناك نصيحة تقول “اذا لم يكن هناك رأي آخر فيجب خلقه” لأن فوائد الرأي الآخر أكثر وأفضل من مساوئه المزعومة – ان وجدت – فإذا كان الرأي الآخر غير صحيح أو غير موضوعي فإنه يتيح الفرصة أمام من يعنيه هذا الرأي اظهار الحقيقة للجميع وتقديمه بذلك مثلاً جيداً للحوار والنقاش وسعة الصدر .
واذا كان الرأي الأخر صحيحاً فإنه يلفت انتباه الجهة المعنية الى الخلل أو الخطأ الموجود لتقوم بالاعتراف به ومعالجته . الأمر الذي يحسن أداء تلك الجهة من خلال تنفيذ هذا الرأي ما يؤدي إلى احترام سلوك المسؤول عن هذه الجهة وتشجيع الآخرين على متابعة أمورها وتشجيعهم على إبداء الرأي بما يحسن أداء وتقييم هذه الجهة وكافة الجهات الأخرى التي تلتزم بهذا النهج.
عدم احترام الرأي الآخر مرض متجذر في مختلف جوانب حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأسرية ولابد من التدرب على احترام الراي الآخر والتشجيع على ممارسته من خلال نشر وتوسيع ثقافته وممارسته في الأسرة والمدرسة ومكان العمل وفي تناول كافة القضايا الوطنية . والاستعداد المسبق والمتفهم لتحمل بعض الممارسات الخاطئة الناجمة عن بدء ممارسة هذا الواجب وعدم أو ضعف الخبرة في ذلك .
فؤاد اللحـــام
التعليقات الجديده