الحفاظ على القائم لتشجيع القادم
تركيب هذا العنوان بهذا الشكل جاء مصادفة لكنه في الواقع يعكس وضعاً صعباً يتطلب المعالجة بأسلوب مبتكر بعيد عن الارتجال والتسويف .
هناك حالة من التباين الواضح بين ظاهرة تشجيع الاستثمارات الجديدة من جهة وتوقف الاستثمارات الموجودة من ناحية أخرى وأعني بالتحديد المنشآت الصناعية العاملة حالياً .
الجهات الحكومية المعنية مازالت تتغنى بالقوانين والقرارات التي اتخذتها من أجل تشجيع الاستثمار ودعم الصناعة منها على سبيل المثال قانون الاستثمار الجديد وقرارات بدائل المستوردات ودعم التصدير وأسعار الفائدة وخفض الرسوم الخ…وتشير جميع هذه الجهات في كل يوم إلى منجزات هذه الاجراءات …
بالمقابل نشهد حالياً ارتفاع أصوات الصناعيين تعبيراً عن حالة توقف واغلاق المزيد من المنشآت الصناعية العاملة نتيجة الصعوبات والمشاكل التي تواجهها هذه المنشآت والتي وصلت إلى حد ينذر بنتائج كارثية سواء بسبب الطاقة أو التمويل أو التعقيدات الادارية والمالية الأخرى ..ولا نريد أن نتبنى هنا النسب والأرقام التي تطرح حالياً من أطراف عديدة حول عدد ونسب المنشآت المتوقفة أو المهددة بالتوقف والتي تقابل بشيء من التشكيك بدقتها نتيجة عدم وجود مسح حقيقي لهذا الواقع وتأخر الجهات العامة والخاصة المعنية حتى الآن في اجرائه وطرح نتائجه .
والسؤال الهام الذي يجب طرحه أمام كافة الجهات العامة المعنية هو : كيف يمكن لأي مستثمر أن يغامر بإقامة مشروع جديد وهو يرى توقف وخروج العديد من المنشآت العاملة عن الانتاج ولأسباب تتعلق بالإنتاج ؟ وكيف يمكن اقناع المستثمرين السوريين المهاجرين إلى البلدان الأخرى بالعودة وإعادة تأهيل و تشغيل مصانعهم المتوقفة وهم يرون معاناة المنشآت الصناعية الموجودة ؟
من المحتمل أن يكون المستثمر الجديد واثقاً بالتأكيد من الجدوى الاقتصادية لمشروعه وبالتالي من الممكن أن يغامر بإقامته وهي شيء ممكن . لكن مستجدات الأوضاع او المشاكل الراهنة وغير المحسوبة أصلاً في دراسته لابد أن تنعكس بالتأكيد على جدوى هذا المشروع اضافة إلى ما يشاهده من مشاكل قائمة ومستجدة تؤثر على هذه الجدوى .
سهولة الدخول والخروج من السوق من مزايا بيئة الاستثمار الجيدة. لكن هذه المقولة تكون في حال الأوضاع المستقرة ولأسباب تتعلق بأوضاع المشروع وقدرته التنافسية . لكن خروج المنشآت الصناعية القائمة حالياً عن العمل في هذه الظروف لا تعبر بالتأكيد عن هذه البيئة . وهنا تجدر الاشارة إلى انه عندما يقوم أحدنا حالياً بإلغاء اشتراكه برسالة اخبارية من احدى المواقع الالكترونية يتم سؤاله عن أسباب طلب هذا الالغاء لتعرف تلك الجهة ماهي السلبيات الموجودة لديها وكيف يمكنها تجاوزها للحفاظ على المشتركين الحاليين وكسب المزيد منهم . اضافة لذلك سبق أن أكدنا عشرات المرات أن بيئة الاستثمار لا تنحصر فقط بالقوانين والقرارات وحسب لأنها تشكل جزأً من البيئة الاستثمارية وليست كلها .
من هنا ومن أجل تشجيع الاستثمارات الجديدة وعودة المستثمرين السوريين المهاجرين ، تبرز ضرورة المحافظة على المنشآت الصناعية القائمة حالياً ومعالجة المشاكل والصعوبات التي تواجهها بأسرع وقت وأفضل أسلوب بمشاركة جادة وفعلية من القيادات الصناعية الجديدة أو المتجددة لتحديد مهام ومسؤوليات كل طرف والبرنامج الزمني لتنفيذها . مع التأكيد على اجراء مسح لواقع المنشآت الصناعية في كافة المدن والمناطق الصناعية للوقوف على واقعها وتحديد الاجراءات اللازمة لتمكينها من العودة للعمل والانتاج أو/ و الاستمرار به .
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده