قبل المضي في التشاركية
أثار طرح تطوير مطار دمشق الدولي مع القطاع الخاص نقلة نوعية في مناقشة موضوع التشاركية من قبل العديد من المختصين والمهتمين وحتى المواطنين العاديين .
مخاوف عديدة ومشروعة أثارها طرح هذا الموضوع في مقدمتها وربما أهمها تتمثل بالمضي بتبني هذا النهج دون اجراء تقييم موضوعي لما تم تنفيذه تحت هذا المفهوم من مشروعات خدمية وصناعية . نظراً لأن المشاريع التي تم تلزيمها حتى الآن وفق مفهوم التشاركية تمت بشكل مباشر بين الجهة الحكومية المعنية والقطاع الخاص أي بدون استدراج عروض نظامية تضمن نزاهة الاختيار وجودة المردود وبما يضمن حق الدولة في تحقيق أكبر فائدة من هذه العملية .
التشاركية بشكل أو بآخر تم تطبيقها وبشكل مباشر كما هو اليوم في القطاع العام الصناعي منذ نحو عشرين عاماً بدأت بمعمل ورق دير الزور ثم معمل اسمنت عدرا وطرطوس وكاد أن يطبق نفس التوجه في تطوير شركة حديد حماه لولا لجوء وزارة الصناعة في ذلك الوقت إلى التوجه السليم بطلب استدراج عروض لتطوير الشركة كانت نتيجته الحصول بشكل شفاف وعلني على عرض يعادل أضعاف ما طرحه أحد المستثمرين المباشرين سواء بالنسبة لحجم الاستثمار او زيادة الانتاج أو المحافظة على العمالة أو حق الدولة . ورغم أنه تم غض النظر عن الموضوع لأسباب عديدة ، لكن هذه العملية قدمت درساً مستفاداً في غاية الأهمية حول فائدة الابتعاد عن العقود المباشرة والاعتماد على استدراج عروض نظامية .
لكن للأسف ، وبعد صدور قانون التشاركية ، تمت العودة لأسلوب التعاقد المباشر من جديد ودون تقييم التجارب السابقة كما حصل في شركة الأسمدة والشركة العربية للاسمنت وعدد من شركات السكر لتعلن وزارة الصناعة بعد فترة قصيرة جداً من تلزيم هذه المشاريع عن طلب عروض لاستثمار 38 شركة عامة لم يتم الاعلان عن نتائجها حتى الآن .
ما سبق طرحه يؤكد أن تطبيق التشاركية بالشكل السليم الذي يلبي الأهداف المتوخاة منها يتطلب ما يلي:
- اجراء مراجعة موضوعية ومستقلة لما تم تلزيمه من شركات تحت شعار التشاركية لمستثمرين بشكل مباشر وبشكل خاص ما يتعلق بالبرنامج الزمني للتطوير والتنفيذ وحق الدولة وذلك بهدف معرفة مواقع الضعف والخلل في هذه العملية – ان وجدت – وكيفية ضمان تجنبها لاحقاً . على أن يتم هذا التقييم من جهات فنية مختصة ومستقلة وليس من قبل القائمين على هذه المشاريع أو المشرفين عليها .
- في ضوء نتائج المراجعة و التقييم واستخلاص الدروس المستفادة مما تم تنفيذه حتى الآن تحت هذا الشعار ، يتم وضع المبادئ العامة التي يجب أن تتضمنها دفاتر الشروط التي يجب اعتمادها في هذا المجال وتضمينها في الاعلان عن استدراج العروض لتنفيذ إعادة تأهيل وتطوير الشركات المطروحة بشكل واضح وشفاف .
فؤاد اللحــــام
التعليقات الجديده