التجربة والبرهان
يبدو أن النصف الثاني من هذا العام سيكون ليس كما يرام ، فالإحباط يشمل الجميع تقريباً والصعوبات غير المسبوقة تشمل مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ، والحديث المتكرر والموحد حول كل هذه الأمور يتكرر في كل مكان ولقاء بل وصل الى مستوى حديث الشخص مع نفسه .
القرارات الموجعة التي يتم اتخاذها دون اجراء الدراسة الوافية لها قبل اقراراها ساهمت بشكل كبير في هذا التدهور غير المسبوق . والذي يزيد الأمور سؤاً الحديث عن دراسات مطولة لهذه القرارات والاجراءات فكيف كانت ستكون النتائج دون هذه الدراسات الطويلة المزعومة؟ .
القرارات المتسرعة وكذلك القرارات قيد التجريب والقرارات المتأخرة بعد فوات أوانها ، كلها كان من المفترض دراستها من مختصين موضوعيين لمعرفة آثارها السلبية ومخاطر تطبيقها والاجراءات اللازمة لضمان تحقيق الأهداف الايجابية المرجوة منها ومعالجة أو الحد من الآثار السلبية المتوقعة . لأنه بالتأكيد لا يمكن لأي اجراء أن يكون ايجابياً مائة بالمائة حيث لا يخلو هذا الاجراء أو ذاك من بعض الاثار السلبية التي يجب معرفتها أولاً واتخاذ الاجراءات والتدابير الضامنة لمعالجة هذه الآثار وحسن تنفيذها . تماماً مثل تناول حبة الأسبرين أو أي دواء الذي لا يخلو عادة من بعض الآثار الجانبية لكن يتم بيانها والتركيز على تجنب ومعالجة هذه الاثار لتحقيق النتائج الايجابية من تناول هذا الدواء ومعالجة الحالة المرضية .
ما سبق عرضه يشير إلى ضرورة المعالجة الجذرية لأسلوب اتخاذ القرارات من قبل مختلف الجهات لضمان جودة آثارها ونتائجها . يقولون التجربة أكبر برهان.. لكن هل البرهان على جودة أو سوء الشيء الذي نجربه ؟ أم البرهان على قدرة من يقوم بتنفيذ التجربة بالجودة المطلوبة لمعرفة الجيد من السيء ؟
عندما تسأل أحد معارفك عن ميكانيكي جيد لاصلاح سيارتك وتكتشف بعد اللجوء اليه أن ذلك الميكانيكي ليس على المستوى المطلوب أو المتوقع فإن من المفترض أن تعلم ذلك الشخص بما حصل وعدم طلب مشورته لاحقاً .. لكن ما يحدث أنك لا تفعل ذلك بل تعود مرة أخرى لتسأله عن نجار أو حداد أو دهان لتتكرر الأمور وهو ما يعيد طرح السؤال : هل المشكلة في قدرة ومصداقية ذلك الشخص في ترشيح الأشخاص المناسبين للقيام بما تحتاجه أو تطلبه؟ أم المشكلة في عدم استخلاص الدروس اللازمة حول عدم كفاءة ذلك الشخص وضرورة عدم الاعتماد عليه ؟
التجربة تؤكد ضرورة محاسبة المسؤول أو الجهة التي تقترح الاجراءات والقرارات الخاطئة أو على الأقل عدم الاعتماد عليها بعد الآن في مثل هذه الأمور واعتماد أسلوب وآلية أخرى تكون أكثر كفاءة ومصداقية في كل هذه الأمور حتى يصبح البرهان في ذات الوقت اختبار الجيد من السيء واختبار كفاءة من قام بالاختبار .
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده