الادارة بالتجريب
هذه ليست نظرية اقتصادية أو ادارية انما ( ابتكار ) سوري ينطبق على معظم حالات انتقاء الادارات والمسؤوليات في البلاد . حيث يتم التكليف في معظم الحالات ( وبالطبع ليس جميعها) بمعايير وأسباب دون النظر إلى خبرة وكفاءة من يتم اختياره لتولي المهمة التي تسند اليه. وبذلك يبدأ هذا المسؤول عمله من خلال التجريب فمرة يصيب ومرات يخطأ وقليلاً ما يتخذ قراراً أو اجراءً صحيحا لكن بالخطأ… وبعد فترة قد تطول أو تقصر حسب الأوضاع والظروف ينتقل هذا المدير أو المسؤول الى مكان آخر قد يكون أفضل أو يعادل المكان السابق ليتابع مهمة الادارة بالتجريب من جديد وليفسح المجال لمن يأتي بعده ليبدأ ذات المهمة وهكذا …
وحتى عندما كان يطلب ترشيح أكثر من مرشح فإن العملية كانت تتم على طريقة لجان المشتريات حيث يكون هناك عرض مختار مسبقاً ويتم ( تدبير) عرضين أخريين غير مناسبين أو متناسبين ليكون العرض الأول المختار مسبقاً هو الأفضل …
عندما تسأل شخصاً تعرفه عن ميكانيكي جيد لاصلاح سيارتك ويرشح لك أحدهم وتذهب اليه وتكتشف بعد وقت قصير أن سيارتك لم تعمل كما يحب فإن هذا يعني أن الشخص الذي طلبت نصيحته غير جدير بالثقة وأن الميكانيكي غير كفوء وبالتالي فإن عليك أن تصل لهذه القناعة وتعمل وفقها .. لكن المشكلة أنك تعود لنفس الشخص ولمجالات أخرى وتواجه في معظم الحالات النتيجة ذاتها دون أن تستخلص الدرس الضروري من هذه العلاقة وهي أن هذا الشخص ليس محل الثقة التي تمنحها له وهو يضرك أكثر مما يفيد …
كثيراً ما نستغرب اسناد وظيفة أو مسؤولية لشخص ما وعندما نسأل من كلفه أو من يعرف من كلفه يكون الجواب ( ما في غيره ) ما يعني أن البلد أصبحت قفراء الا من هذا الشخص وأمثاله. في الوقت أن الواقع والحقيقة يقولان أن مقولة (ما في غيره ) صحيحة استناداً إلى الزاوية الضيقة جداً ( للمعايير ) التي تم النظر اليها في عملية الاختيار.
على الرغم من أهمية التدريب والتأهيل في رفع كفاءة العاملين في مختلف المواقع والمسؤوليات، إلا أن الادارة الناجحة لا تتوقف فقط على الشهادة والتدريب وانما تتطلب أيضاً وجود الموهبة والقدرة الادارية وهذه سمة شخصية لا يمكن أن استبدالها كلياً بالتدريب والتأهيل. لذلك فإن اعتماد الاعلان والمسابقة والمقابلة عناصر هامة في تحقيق الاختيار المناسب للإدارات والمسؤوليات وعند تساوي هذه المواصفات لعدد من المرشحين يمكن أن تكون الأمور الأخرى عنصراً مرجحاً لهذا أو ذاك وليست المعيار الوحيد .
الحملة الاعلامية الكبرى حول الاصلاح الاداري والتحولات الايجابية التي يمكن أن يحققها هذا الاصلاح خصوصاً في مجال اختيار الادارات والمسؤوليات هي اليوم محط الآمال لتجاوز هذه المشكلة ، لكن هذا لا ينفي التخوف من أن من يتولى عملية الاصلاح الاداري قد يكون ممن يمارس دور الادارة بالتجريب ….
فؤاد اللحـــام
التعليقات الجديده