إعادة قطع التصدير من جديد
في ضوء موافقة رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية والتي تضمنت ” الموافقة من حيث المبدأ على إعادة قطع التصدير إلى مصرف سورية المركزي لتكون ادارة هذا القطع تحت رعايته ، وتكليف الجهات المعنية تقديم الدعم الكامل لتوفير البيانات المطلوبة لإقرار الآلية اللازمة لإعادة القطع التصديري” ، أرسلت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الى كل من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك واتحادي غرف التجارة والصناعة قوائم بالصادرات لعام 2018 وطلبت من هذه الجهات موافاتها بالأسعار الواقعية لهذه المواد بالسرعة القصوى حتى يتسنى لها استكمال المعالجة أصولا ..
القرار على ما يبدو لم تتم مناقشته مع المصدرين وهذا يتضح أولاً من صيغة القرار نفسه ” الموافقة من حيث المبدأ” وثانياً من ردود فعل الصناعيين والتجار حياله الذين لم يشاركوا فيه وهو ما يعيدنا إلى دوامة القرارات المتسرعة التي لا تناقش مع المعنيين بها الا بعد صدورها وحدوث البلبلة حولها بسبب عدم وضوحها .
التعهد بإعادة قطع التصدير كان خلال السنوات السابقة وما يزال ، على ما يبدو، مجال التعديل المستمر فمرة كان 100% من قيمة الصادرات ومرة 50% ثم تم الغاؤه ليعود العمل به مؤخراً من جديد .
ردود فعل متباينة برزت تجاه القرار كان أشدها من الصناعيين والتجار الذين رأوا أنها تلحق آثاراً سلبية على عملية التصدير ، وستؤدي إلى وقف الصادرات لأن المنتج السوري يعاني من صعوبات كبيرة في التصدير خلال الفترة الحالية ، وهذا يتطلب تسليم قيمة قطع التصدير للمصدرين بسعر السوق الموازي لأن أي إجراء مخالف لذلك سيرفع كلف الإنتاج ويوقف الصادرات السورية بشكل نهائي. وعليه تداعى المصدرون من الصناعيين والتجار لعقد الاجتماعات وتشكيل اللجان وإعداد الكتب لرفعها إلى رئاسة مجلس الوزراء لإعادة النظر بالقرار خاصة لجهة سعر القطع الأجنبي الذي سيتم بموجبه الشراء من المصدرين .
وجهة النظر الأخرى تقول بأن هذا الاجراء يدعم موارد الدولة من القطع الأجنبي . وأن المصرف المركزي يمول مستلزمات انتاج القطاع الصناعي بالسعر الرسمي للدولار الذي أصبح يقل بحوالي 140 ل.س عن سعر السوق السوداء ، وأن تسعير المنتج المحلي والمصدر لا يتم وفق هذا السعر وانما وفق سعر السوق السوداء وبالتالي فإن من حق الدولة استرداد القطع الذي منحته وتسعير المواد المصدرة بقيمتها الحقيقية …
لاشك بأن من مصلحة الحكومة والمصدرين استمرار عملية التصدير وبالتالي معالجة القضايا والمشاكل التي تعيقها . فقطع التصدير يدعم موارد الدولة من القطع الأجنبي ويمكنها من تمويل مستلزمات الانتاج واستمرار دعم الصادرات بالأشكال المتبعة حالياً ( الشحن، التأمينات ، الكهرباء …) لكن تحقيق استمرارية كل هذه الأمور لا يكون بالقرارات المتسرعة ، وانما من خلال المكاشفة والحوار والتوصل إلى حلول تخدم مصلحة الاقتصاد الوطني أولاً وأخيراً والتي هي مصلحة الجميع .مؤكدين أننا كنا نتمنى على الجهات الحكومية المعنية إعطاء المزيد من الوقت للدراسة والمناقشة مع كافة المعنيين قبل اصدار قرارات على درجة هامة من الحساسية مثل هذا القرار وهذه ليست المرة الأولى .
فؤاد اللحـــــام
التعليقات الجديده