فبراير 19, 2024 كلمة تقال 0 تعليقات

براءات اختراعنا في الادارة

حالة متميزة من بين الحالات العديدة التي نتمنع بها في بلدنا سورية هي براءت الاختراع الادارية التي تتجدد وتتطور بين فترة وأخرى ونتميز فيها عن الآخرين .

تاريخياً كان من أهم براءات هذه الاختراعات هي براءة اختراع ( فاشل ويعيد ) والتي تتمثل بنقل المسؤول الفاشل  من الجهة التي اثبت فشله فيها إلى  موقع في جهة أخرى يعيد فيه تجربته وفشله . و حسب واقعنا فإنه في كثير من الأحيان كانت هذه العملية تتم وتتكرر أكثر من مرة للمسؤول الواحد ..

من براءات اختراعنا الأخرى في الادارة  هي براءة اختراع  ( يصلح لكافة المسؤوليات ) والتي تتمثل بتكليف المسؤول بمهام لاعلاقة لها  بشهادته وقدراته أو بخبرته  – ان توفرت فيه الخبرة – فعلى  سبيل المثال يمكن لحقوقي أو اقتصادي  أن يتولى مهمة فنية أوبالعكس.

اضافة لما سبق هناك براءة اختراع  لاتقل أهمية عن براءات الاختراع الأخرى هي ( الادارة بالتجريب ) والتي تنفذ من خلال تجربة هذا المسؤول أو ذاك بتكليفه بمهمة أو مسؤولية معينة لمعرفة مدى كفاءته وقدرته على القيام بهذه المسؤولية أو اعتبار هذه المسؤولية دورة تدريبة له لتهيئته لمسؤولية أخرى قد تكون أهم من المسؤولية الأولى .

 وبعيداً عن أداء ودور وزارة التنمية الادارية في هذا المجال ، الذي يمكن تناوله لاحقاً ، فإن سلسلة براءات اختراعاتنا في الادارة ما تزال مستمرة حتى الآن وتتجسد بين الحين والآخر بالقرارات المرتجلة والمتسرعة التي يصدرها هذا المسؤول أو ذاك والتي تبرز سلبياتها في معظم الأحيان فور صدورها أو البدء في تنفيذها  ويتم بالتالي ، وفي بعض الأحيان ،  ايقاف تنفيذها أو تعديلها كلياً أو جزئياً ، وفي أحيان أخرى يستمر العمل  ببعضها رغم سلبياته وسط شكوى واحتياجات الجهات التي تطبق عليها هذه القرارات . والأمثلة كذلك كثيرة ومتعددة و أكثر من أن تحصى.

والخلاصة أنه من المعروف أن لكل قرار أهداف محددة يجب تحقيقها بأفضل السبل والنتائج .  إلا أن لكل قرار أيضاً بعض الآثار السلبية التي يجب دراستها واتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة  لمعالجتها أوعلى الأقل  الحد من آثارها السلبية إلى أبعد الحدود وهذه هي الآلية أو المنهجية التي تتبع في اعداد وتقديم مشاريع القرارت المرفقة بالأسباب الموجبة والأهداف المطلوب تحقيقها . واذا ما استعرضنا مجموعة من القرارت التي صدرت مؤخراً نجد أن معظمها لم يتم وفق هذه المنهجية أو ، وهو على الأغلب ، لم يتم التدقيق الكافي في آثارها ومنعكساتها ومدى قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة منها بالشكل والسرعة المطلوبة .

وفوق ذلك فإننا لم نسمع بمحاسبة المسؤول عن  هذه الأخطاء التي كثيراً ما تتكرر  في القرارات والاجراءات بسبب عدم  تدقيق آثارها ونتائجها بالشكل المطلوب قبل رفعها لاعتمادها  واصدارها . كما أننا لم نسمع بأي مسؤول توفرت فيه الشجاعة الكافية  قدم طلب اعفائه من منصبه بسبب اعترافه بمسؤوليته عن  الخطأ المرتكب .

فؤاد اللحــــام