أكتوبر 31, 2015 دراسات وتقارير 0 تعليقات

دور مؤسسات العمل العربي المشترك في المجال الصناعي

                      نظرة تقويمية

 

                                                                                                   إعداد : فؤاد اللحام * 

 

بعد مرور أكثر من نصف قرن من العمل العربي المشترك ، هناك تساؤل مشروع  يدور في أذهاننا  جميعا" وهو لماذا لم نستطع حتى الآن   تحقيق خطوات متقدمة  في مجال التنسيق والتكامل الاقتصادي العربي وبشكل خاص الصناعي على الرغم من الاعتبارات التالية:

1-إن  قيام جامعة الدول العربية والمؤسسات والمجالس المنبثقة عنها قد ترافق ،  وأحيانا" سبق ،  قيام المؤسسات والمنظمات الدولية و الإقليمية الأخرى وعلى سبيل المثال السوق الأوروبية؟

2- إن  الظروف والشروط الموضوعية والمزايا النسبية التي تتوفر لدى الدول العربية أكثر وأكبر مما هو  متوفر لدى الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال ، فوحدة اللغة والتاريخ المشترك والآمال والمعتقدات والاتصال الجغرافي التي تجمع البلدان العربية  لا تتوافر مجتمعة  لأي تجمع  دولي أو إقليمي آخر وهي أكثر مدعاة وتشجيعا"  للتنسيق  والتكامل   ؟!

كانت الاحتفالات بالذكرى الخمسين لتأسيس  جامعة الدول العربية مناسبة  للإجابة على  هذا التساؤل حيث تم إرجاع الأسباب  إلى ضعف الإرادة السياسية الرسمية وتنامي النزعات القطرية والإقليمية واختلاف طبيعة الأنظمة العربية وتشابه البنى الاقتصادية وتخلفها وغياب الديمقراطية وتغييب إرادة المواطن العربي  ، وعدم مراعاة التدرج في تنفيذ  الخطوات التنسيقية والتكاملية  التي كانت تقر في الاجتماعات الرسمية  إلى غير ذلك .

 إن واحدا" من  الأسباب  الهامة الأخرى التي ساهمت في الأداء الضعيف لعملية التنسيق والتكامل الصناعي العربي يتمثل  بالافتقار إلى المؤسسات الفاعلة التي تساهم من خلال أنشطتها وبرامجها في دفع عملية التنسيق والتكامل الصناعي بين الدول العربية وزيادة التشابك بين الاقتصاديات العربية .

تشكل  هذه الدراسة مساهمة  في تسليط الأضواء و توسيع دائرة الحوار  – الذي ما يزال يدور  في أضيق الحدود – حول دور المؤسسات العربية العاملة  في مجال التنسيق و التكامل  الصناعي العربي و سبل تفعيل دورها في هذا المجال..

_______________________________________________________

* مدير المركز العربي للتنمية الصناعية بدمشق    مدير سابق في المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين .

عن دراسة بعنوان ( تقييم حصيلة العمل العربي المشترك في المجال الصناعي ) قدمت باسم جمعية العلوم الاقتصادية في سورية إلى المؤتمر العلمي الثالث عشر لاتحاد الاقتصاديين العرب. المغرب27-29/3/2000 .

 

 

1- نشأة وتطور مؤسسات العمل  العربي المشترك في المجال الصناعي:

 

 بدأ العمل  الاقتصادي العربي المشترك ( رسميا" ) بإقامة المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1950 الذي أنيطت به مهمة التنسيق الاقتصادي بين الدول الأعضاء حيث باشر عمله في عام 1953 بوضع اتفاقيتين الأولى لتسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت والثانية اتفاقية تسديد مدفوعات المعاملات التجارية وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية حيث وافق في عام 1956 على اعتماد جدول موحد للتعريفة الجمركية كما وافق على تأسيس أول شركة صناعية عربية مشتركة هي شركة البوتاس العربية. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن مر العمل العربي المشترك في المجال الصناعي بمرحلتين الأولى  مرحلة  اللجان الفنية التي شكلها  المجلس ا لاقتصادي والاجتماعي من ممثلي عدد من الدول الأعضاء مثل اللجنة الفنية للتنسيق الصناعي التي عقدت  خلال عامي 1961و  1962 عدة اجتماعات لمناقشة سبل ووسائل التنسيق الصناعي بين الدول العربية، ولما لم  تسفر الجهود التي بذلت لتنفيذ توصيات  هذه اللجنة  عن تقدم يذكر ، قرر المجلس الإقتصادي والاجتماعي  أن تعالج أمور التنسيق الصناعي في نطاق لجنة التخطيط الإقتصادي و التنمية الإقتصادية التي درست  مدى توفر المعلومات و البيانات الأساسية الواجب توافرها  للأخذ بالتخطيط القومي والمشاكل التي تواجه التخطيط الإقتصادي في الدول العربية .

تضمنت المرحلة الثانية الانتقال من مرحلة اللجان الفنية إلى مرحلة إقامة الهياكل المؤسساتية المتخصصة كالمراكز والمنظمات والشركات الصناعية القابضة والاتحادات الصناعية العربية النوعية  التي تم تشكيلها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي و على التوازي مع جهود  هذا المجلس وبشيء من الازدواجية ، قام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الذي أحدث عام 1964  بعدد من الخطوات التنفيذية الهامة تمثلت بإحداث الاتحادات الصناعية العربية النوعية وكذلك الشركات المشتركة الصناعية العربية القابضة .

2- الوضع الراهن لمؤسسات العمل  العربي المشترك في المجال الصناعي:

يمكن القول أن  أهم المؤسسات والجهات العاملة في نطاق العمل الصناعي العربي المشترك تتمثل بمايلي :

      1.        مؤتمرات التنمية الصناعية العربية.

      2.        المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين .

      3.        الاتحادات الصناعية العربية المتخصصة.

      4.        الشركات  والمشاريع الصناعية العربية المشتركة.

 

 

2-1-مؤتمرات التنمية الصناعية العربية:

تشكل  مؤتمرات التنمية  الصناعية العربية ،أحد جوانب التنسيق والتعاون الصناعي العربي حيث يتم فيها مناقشة الوضع الصناعي في الدول العربية و مجالات التنسيق  والتكامل فيما بينها ووضع المقترحات والمشاريع  التنفيذية لإنجازها . وقد عقد حتى الآن المؤتمرات الصناعية التالية:

-المؤتمر الأول ( الكويت 1-10 آذار مارس 1966 ).

 -المؤتمر الثاني ( الكويت 10-17 تشرين أول أكتوبر 1971 ) .

-المؤتمر الثالث( طرابلس- ليبيا 7-14 نيسان إبريل 1974 ).

-المؤتمر الرابع ( بغداد 12-19 كانون أول ديسمبر 1976 ) .

-المؤتمر الخامس ( الجزائر 16-20 نوفمبر تشرين ثاني 1979 ) .

 -المؤتمر السادس ( دمشق 20-24 تشرين أول أكتوبر 1984 ).

-المؤتمر السابع ( تونس 20-24 تشرين أول / أكتوبر 1989).

-المؤتمر الثامن (دمشق 22-25 حزيران – يونيو 1998 ) .

 تم عقد وتنظيم هذه المؤتمرات  في البداية من قبل جامعة الدول العربية و مركز التنمية الصناعية ومن بعد المنظمة العربية للتنمية الصناعية ، ويمكن تلخيص أهم المحاور والقضايا التي تناولتها هذه المؤتمرات بما يلي:

-تنسيق الخطط الصناعية في الدول العربية.

–         وضع إستراتيجية للتنمية الصناعية و التعاون الصناعي العربي .

–         دراسة واقع وآفاق التنمية الصناعية في الدول العربية .

–         إعطاء الأولوية في مجال التنمية الصناعية لقطاع الصناعة التحويلية .

–   إعطاء التعاون الصناعي العربي الصفة التنفيذية العملية والتي تجسدت في إنشاء شركات عربية مشتركة واتحادات صناعية عربية مشتركة .

–         توفير مستلزمات نجاح المشروعات الصناعية العربية المشتركة .

–         إعداد الدراسات القطاعية وتشخيص فرص الاستثمار وإعداد ملفات المشاريع بالفرص الاستثمارية وإعداد دراسات الجدوى الأولية ( التبريرية ) والاقتصادية .

–   التنمية الصناعية و التبادل التجاري واستكمال الهياكل الأساسية اللازمة لانسياب عناصر الإنتاج و السلع بين الدول العربية .

–         تقديم الخدمات القطرية و المعونة الفنية والاستشارية للصناعة العربية على المستويين القطري والقومي .

–         إجراء المسوحات الصناعية الشمولية والقطاعية .

–         متابعة التغيرات الإقتصادية على الساحتين الدولية و العربية .

–         الأوضاع الاقتصادية و الصناعية والدولية وسياسات الدول المتقدمة وانعكاساتها على ا لتنمية الصناعية في الدول العربية .

ساهمت  هذه المؤتمرات  في إثراء الفكر الاقتصادي والتنموي العربي وفي  إنشاء العديد من المنظمات والاتحادات والشركات العربية. إلا أنه وعلى الرغم من  وفرة القرارات و التوصيات  التي تم اتخاذها حول   المحاور والقضايا الرئيسية المشار إليها أعلاه  ،  فإن تأثيرها العملي و الواقعي على الهدف المنشود وهو تحقيق التنسيق والتكامل الصناعي العربي يعتبر أقل بكثير من الطموح وأضعف مما كان متوقعاً أو محتملاً.ويعود سبب ذلك إلى أن  العديد من القرارات والتوصيات التي اتخذت في هذه المؤتمرات كانت عامة" ، وما كان منها عمليا" وهاما" وقابلا" للتطبيق ويخدم عملية التنسيق والتكامل لم يوضع موضع التنفيذ لعدم وجود آلية واضحة ومحددة وملزمة للتنفيذ أو لعدم توفر التمويل اللازم  لتنفيذه . وكانت المنظمة العربية للتنميةالصناعية قد أحدثت لجنة وزارية  مؤلفة من أربعة وزراء صناعة في الدول العربية التي عقدت فيها  مؤتمرات وتلك التي سيعقد فيها المؤتمر القادم بالإضافة إلى المنظمة  مهمتها متابعة تنفيذ قرارات مؤتمر التنمية  السابق والإعداد للمؤتمر القادم تساعدها لجنة خبراء من تلك الدول ، إلا أنه ونتيجة إعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك حل المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين محل هذه اللجنة مما أدى إلى تأخر عقد المؤتمر الثامن عن موعده الذي كان مقررا" حوالي خمس سنوات بسبب النقاش الذي دار داخل هذا المجلس وبينه وبين إدارة المنظمة ومجلسها الوزاري حول جدوى هذه المؤتمرات والفائدة منها وفي النهاية تم عقد المؤتمر الثامن بنفس الأسلوب السابق .

إن الواقع الراهن للتنمية الصناعية في الدول العربية و ضعف مستوى التعاون والتنسيق الصناعي   فيما بينها وكذلك المستجدات الإقليمية والدولية وما تفرضه من تحديات ومخاطر على هذه الدول فرادى وجماعة  يظهر الحاجة إلى  المزيد من التشاور والتنسيق والعمل المشترك لمواجهة هذه التحديات بعمل جماعي منظم يساهم في الحد من مخاطرها ، وإن عقد  مؤتمرات تناقش  قضايا وتطلعات الأقطار العربية  في التنسيق والتنمية  والعمل الصناعي العربي المشترك  مسألة هامة وضرورية على أن  تتجاوز هذه المؤتمرات الإطار الفضفاض والعام الذي يحكمها وأن تكون محددة الشعار و المحاور و المواضيع التي من شأنها أن  تقود بدورها  إلى قرارات و توصيات أكثر تحديداً وعمقاً وان تتضمن مقترحات وآلية عملية ومقبولة لتنفيذ ما تتوصل إليه.

2-المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين :

بدأ العمل  المؤسساتي العربي المشترك في المجال الصناعي بإحداث مركز التنمية الصناعية للدول العربية

عام 1968  في إطار جامعة الدول العربية نتيجة توصية من المؤتمر الأول للتنمية الصناعية في الدول العربية للعمل على دفع عجلة التصنيع في الدول العربية و تطويرها وتنسيق الجهود في هذا السبيل عن طريق إعداد الدراسات المتعلقة بالأوضاع الصناعية في الدول العربية وتقديم المشورة والمعونة الفنية لها وتبادل المعلومات و الخبرات وتوحيد مصنفات الصناعات و المصطلحات المتعلقة بها. و باشر عمله منذ إنشائه بوضع البرامج والمشاريع التي تكفل تحقيق الأهداف التي وردت في نظامه الأساسي. وقد سار المركز في خطين متوازيين في آن واحد هما :

-تنمية الخطط الصناعية على المستوى العربي الشامل لتحقيق التنسيق والتكامل الصناعي العربي من أجل التوصل إلى وضع استراتيجية للتنمية الصناعية لعام 2000 يتم في إطارها الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة في مختلف أرجاء الوطن العربي، ووضع الخطط التنفيذية لإنجازها بوضع استراتيجية صناعية لكل قطر ولكل قطاع صناعي  .

-تقديم الخدمات القطرية في مجال الخطط الصناعية  من خلال الخطط و  المسوحات الصناعية والقطاعية التي تعين على وضع الخطط متوسطة المدى والبرامج السنوية  .

كما قام المركز بعقد أربعة  مؤتمرات دورية للتنمية الصناعية ( من الثاني وحتى الخامس)  على مستوى وزراء الصناعة في الدول العربية لبحث ومناقشة السياسات العامة والمشاكل الرئيسية للصناعة العربية في محاولة للتوصل إلى وضع استراتيجية طويلة المدى للتنمية الصناعية والتعاون الصناعي العربي يسترشد بها المسؤولون في الدول العربية عند وضع خطط وبرامج التنمية الصناعية في دولهم .

 وفي دورته الخامسة والعشرين ( 9-10 أيلول سبتمبر 1978 ) قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي تحويل المركز إلى منظمة مستقلة متخصصة في نطاق جامعة الدول العربية  هي المنظمة العربية للتنمية الصناعية التي باشرت  عملها بمقرها الجديد ببغداد اعتبارا" من شهر سبتمبر أيلول 1980.

وفي عام 1988 قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي بإعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك حيث تم  إلغاء كل من المنظمة العربية للثروة المعدنية والمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس ودمج مهامهما بالمنظمة العربية للتنمية الصناعية  ليصبح اسمها المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التي باشرت مهامها  في مقرها المؤقت ببغداد اعتبارا" من 19/1/ 1990 ثم انتقلت إلى مقرها الجديد بالرباط في آب 1992 .وتمثل هذه المنظمة حاليا"  مؤسسة العمل العربي المشترك المتخصصة  في مجال الصناعة والتعدين و التقييس حيث حددت مهامها بما يلي:

    -إعداد البحوث والدراسات المتعلقة باستراتيجية التنمية الصناعية وتنمية الثروة المعدنية بالدول                                              العربية وسياسات وبرامج التصنيع وتخطيطها وتنفيذها وتمويلها ..

–         العمل على تحقيق التنسيق والتكامل الصناعي العربي باستخدام الأساليب والوسائل الممكنة .

–   العمل على رفع مستوى جودة الإنتاج العربي وتوحيد المواصفات لتيسير التبادل التجاري والتعاون في الأنشطة الاقتصادية ذات العلاقة .

–   معاونة الدول والجهات العربية في دراسة المشاريع الصناعية والتعدينية بصورة متكاملة بداية بالمسوح الصناعية الشاملة والمسوح القطاعية والمسوح الجيولوجية والتعرف على فرص التنمية والاستثمار الممكنة وتقييم العروض العالمية واختيار المعدات وتنفيذ المشروعات وتقييمها .

–   العمل على تلبية متطلبات قطاع الصناعة والطاقة والتعدين من البيانات والمعلومات والدراسات المتعلقة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة من خلال متابعة التطورات الفنية والعلمية والاقتصادية على المستوى الدولي في هذه المجالات والعمل على رفع مستوى الإدارة والإنتاجية في الصناعة القائمة ومعاونة الدول العربية في توسيع وتطوير مشاريعها القائمة .

–   التعاون مع المستثمرين ورجال الأعمال العرب في النشاط الصناعي على المستويين القطري والقومي وتوفير البيانات والإحصاءات الصناعية لهم حول الفروع الصناعية المختلفة لتعزيز التعاون فيمابينهم لدعم الصناعة القائمة وتسهيل تشخيص فرص الاستثمار للمشروعات الجديدة .

–   العمل على تجميع البيانات والمعلومات والدراسات الفنية والاقتصادية المتعلقة بمجال عملها وتحليلها وتصنيفها وتحديثها ونشرها .

–   المساعدة في إنشاء وتدعيم المؤسسات ذات الصلة المباشرة في خدمة الصناعة العربية والثروة المعدنية ومراكز البحوث والاختبارات والمساعدة في نقل الاكتشافات العلمية الحديثة ووضعها موضع التنفيذ الاقتصادي والتجاري ، وتنمية القوى العاملة والعمل كبيت خبرة استشاري في مجالات عملها .

–   تنسيق مواقف الدول العربية في المؤتمرات الدولية وفي مختلف أنشطة الحوار بين الدول العربية والدول الأخرى والمتعلقة بقضايا التنمية الصناعية والتعدين والمواصفات والمقاييس.

–   تشجيع التعاون بين الدول العربية والدول النامية من جهة وبينها وبين الدول المتقدمة من جهة أخرى في مجال عملها بما يحقق مصلحة الدول العربية .

–   إقامة الدورات التدريبية وعقد المؤتمرات والندوات والاجتماعات الفنية لتبادل الرأي ومناقشة كافة الجوانب المتعلقة بمجال عملها .

–   التعاون مع الهيئات والمنظمات والتجمعات الاقتصادية العربية والدولية ممن يتصل نشاطها بأهداف المنظمة واختصاصها .

أنجزت المنظمة خلال سنوات عملها العديد من الدراسات القطاعية والشمولية ودراسات الجدوى الاقتصادية ، وأقامت العديد من الندوات و ساهمت في تطوير الموارد البشرية العاملة في القطاع الصناعي بالدول العربية من خلال التدريب النظري والعملي في مجالات واختصاصات تم تحديدها حسب احتياجات هذه البلدان. كما ساهمت في معالجة عدد من المشاكل والاختناقات التي عانى منها عدد من المنشآت الصناعية في البلدان العربية . و عقدت لقاءات تنسيق بين المصنعين  لعدد من المنتجات الصناعية في الدول العربية .كذلك قامت المنظمة بالترويج لإقامة عدد من المشاريع الصناعية العربية المشتركة تم تنفيذ عدد محدود منها حتى الآن .

 إن  مقارنة ماتم مع الأهداف  الكبيرة والواسعة  للمنظمة يبين التواضع الكبير في الإنجاز والمردود لأسباب عديدة لابد من تناولها من أجل المساهمة في وضع تصور شامل لتجاوزها وتحسين أدائها . 

عانت المنظمة من ظروف عدم الاستقرار حيث تم نقلها من القاهرة إلى تونس مع نقل مقر الجامعة ومنها إلى بغداد وبعد ذلك إلى الرباط مع كل ما رافق عمليات النقل من استنزاف للوقت والكوادر والتكيف مع الأوضاع الجديدة .

وكان تأثر المنظمة واضحا" بإعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك ، فعلى الرغم من الإبقاء عليها كمنظمة أساسية دمجت فيها مهام التقييس والتعدين إلا أن هذا الدمج أدى إلى إضعاف إمكانيات المنظمة وتشتت اهتماماتها ومواردها القليلة . وحسب اعتقادنا فان هذا الدمج لم يكن قرارا" سليما" فالتقييس ليس نشاطا" صناعيا" فقط حتى يتم دمجه بالصناعة وانما هو يغطي كافة القطاعات الأخرى الزراعية والتجارية والتعدينية ، و كان من الأنسب دمج  نشاط الثروة المعدنية أو الحاقة بمنظمة الأوابك باعتبارها تغطي النفط ومشتقاته وهي جزء من الثروة المعدنية التي تديرها جميعا" في أغلب البلدان وزارة واحدة للنفط والثروة المعدنية  أو للطاقة ، وبتقديرنا فان الدمج بهذه الطريقة قد أدى عمليا" إلى إضعاف ليس النشاط الصناعي للمنظمة بل نشاطي التقييس والتعدين .إضافة إلى أن هذا الدمج ترافق مع تراجع الاعتمادات المالية للمنظمة عن مستوياتها السابقة من حوالي 7.5 مليون دولار سنويا"  في أواخر الثمانينات عندما كانت منظمة واحدة للتنمية الصناعية إلى حوالي  3 مليون دولار للمنظمة الجديدة بأنشطتها الثلاث في التسعينات.

أثر الدمج على برامج عمل وأنشطة المنظمة حيث بات لزاما" عليها أن تستوعب المهام الجديدة وأن توفر الإمكانيات المادية والبشرية لاسيتعاب هذه الأنشطة ومتابعتها إلا أن ذلك لم يحدث إلا بشكل محدود جدا" فنشاط التعدين كان يتم من قبل خبير واحد ونشاط التقييس من قبل خبيرين إضافة إلى تراجع المنهجية التي كانت متبعة في إعداد واعتماد المواصفات القياسية العربية الموحدة التي أصبحت تعتمد أساسا" على تعميم المواصفات القطرية التي تعتمدها  بعض أجهزة التقييس القطرية على الدول الأعضاء  ومن ثم اعتمادها كمواصفة عربية قياسية .كما أنها وبسبب ضعف مواردها تم التركيز في خططها وبرامجها على جانب الخدمات القطرية( المباشرة وسريعة المردود ) كالتدريب والمعونة الفنية مما أدى إلى تراجع واضح وكبير في دورها الأساسي كجهة معنية في العمل على تحقيق  التنسيق والتكامل الصناعي العربي  باستخدام الأساليب والوسائل الممكنة كما جاء في أهدافها. 

تضمنت إعادة الهيكلة  كذلك إحداث مجلس تنفيذي للمنظمة يجتمع كل ستة أشهر بهدف متابعة أمورها الفنية والمالية والإدارية وكان هذا المجلس ينبغي أن يتألف  – حسب ما جاء في قرارات إعادة الهيكلة – من سبعة أعضاء من  ذوي الاختصاص من بين مرشحين الدول الأعضاء على أن لا يكون فيه أكثر من عضو من دولة واحدة ) ينتخبهم المجلس الوزاري لمدة سنتين  . ومنذ انتخاب المجلس التنفيذي الأول  تم اعتماد تسمية الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي وهي بدورها تسمي ممثلها ( على غير ما كان مطروحا" وهو انتخاب أعضاء المجلس على أساس فني ) الذي يتم تبديله  في معظم الأوقات من قبل العديد من الدول ، كما تمت زيادة عدد الأعضاء إلى 11 عضوا"(دولة )ثم  مؤخرا" إلى 13 عضوا" . وبسبب قرب اجتماعات المجلس التنفيذي ورغبة معظم  الدول الأعضاء في ضغط نفقات ممثليها في هذا المجلس تعمد في أغلب الأحيان  إلى تكليف سفاراتها في حضور هذه الاجتماعات أو تكليف ممثلها  في اجتماعات لجنة التقييس التي تعقد إلى جانب اجتماعات المجلس التنفيذي لحضور هذه الاجتماعات الأمر الذي أدى إلى  تدني مستوى تمثيل الدول  الأعضاء في هذا المجلس( الذين من المفترض  أن يكونوا على مستوى وكلاء وزارة أو مدراء ) وتراجع  الجانب الفني فيه .

كما أن  التواتر السريع في اجتماعات المجلس التنفيذي كما سبق الإشارة  والتي تعقد مرتين في كل عام أصبح يرهق جهاز المنظمة الذي يبدأ بالإعداد للدورة الجديدة بعد فترة وجيزة من انتهاء الدورة الحالية مما يشكل عبئا" في التحضير والمتابعة التي أصبحت تستغرق وقتا" وجهدا" لا يستهان  بهما من قبل كوادر المنظمة إضافة لكونها وبسبب ما سبق ذكره أخذت هذه الاجتماعات  تخرج عن الهدف الأساسي الذي كان من وراء إحداث هذا المجلس والمتمثل بقيام مجموعة من المختصين من عدد محدود من الدول الأعضاء بمتابعة الشؤون الفنية والإدارية للمنظمة  .

إضافة الىماسبق تضمنت إعادة الهيكلة وجوب  اعتماد خطط وموازنات المنظمة  لسنتين متواليتين من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد اعتمادها من مجلس المنظمة الوزاري ومناقشتها في لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك في الجامعة  العربية الأمر الذي أدى إلى خلق مستويات رقابية جديدة ومتعارضة أحيانا" وخاصة فيما يتعلق باعتماد أرقام الموازنة وبرنامج العمل التي تقر من قبل  وزراء الصناعة العرب في اجتماعهم الوزاري وينبغي اعتمادها نهائيا" من قبل وزراء المال والاقتصاد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأمر الذي أدى إلى وجود تنازع بين اختصاصات هذين المجلسين  في هذا المجال. إضافة إلى أن كافة التسديدات من مساهمات الدول الأعضاء  ومتأخراتها أصبحت  تذهب بموجب إعادة الهيكلة  إلى صندوق النقد العربي الذي أصبح بمثابة وزارة مالية ومستوى رقابي إضافي لتحويل التمويل اللازم للمنظمة وفق قواعد وأساليب يعتمدها هو في الوقت الذي توجد  فيه هيئة الرقابة المالية والإدارية  ومدقق الحسابات المستقل الذين  من المفترض أن يقوما بإيضاح كافة الجوانب المالية والإدارية  للمجلس الوزاري .

وكان من  بين أهم قرارات إعادة الهيكلة إخراج التعيين في الوظائف من نظام الحصص حيث تم اعتماد مبدأ المنافسة والاختبار مع مراعاة التوزيع الجغرافي في اعتماد كافة وظائف المنظمة  إلا أن ذلك لم يتم وما زالت وظائف المنظمة تتم بالأسلوب السابق المتبع بحيث تنحصر هذه الوظائف بعدد محدود من المحظيين والمقربين من أصحاب النفوذ والتأثير في الدول الأعضاء  بغض النظر عن الإمكانيات والكفاءة  إضافة إلى أن مسألة التدريب المستمر لكوادر المنظمة ذاتها مسألة غائبة .

وعليه يمكن القول بأن إعادة هيكلة  المنظمة وبعد مرور حوالي اثني عشر عاما" على تطبيقها  بحاجة ماسة اليوم إلى مراجعة شاملة لتقيم مدى تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه العملية  والأسباب التي حالت دون ذلك والإجراءات المطلوبة لتصحيح ما يجب تصحيحه ، مع الأخذ بعين الاعتبار المقترحات التالية :

 – فصل نشاط التقييس ضمن  منظمة خاصة به وإلحاق نشاط التعدين بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط .

-التأكيد على الجانب الفني للمجلس التنفيذي وبالشكل المقرر سابقا" مع بحث إمكانية جعل اجتماعاته سنوية.

-توفير الموارد المالية  اللازمة لتمويل وتنفيذ  أنشطة وبرامج المنظمة، مع التركيز على اختيار الكفاءات  والخبرات المناسبة الكفيلة بحسن إدارة و تنفيذ هذه البرامج والأنشطة. 

-إدماج القطاع الخاص الصناعي ( اتحادات صناعية ، غرف صناعة ، ..) بنشاط المنظمة وفي هيئاتها ومجالسها .

-تعزيز دور المنظمة بعد تنفيذ ما ورد أعلاه  كبيت خبرة  عر بي في مجال اختصاصها من خلال التزام الدول الأعضاء العملي بهذا الدور.

 2-3-الاتحادات الصناعية العربية النوعية :

أقام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية آلية  مساندة للمشروعات الإنتاجية تتمثل في ( الاتحادات النوعية العربية المتخصصة ) التي تضم مئات الشركات والمؤسسات الإنتاجية العربية السلعية والخدمية العاملة في  عدد من أهم القطاعات الاقتصادية العربية  وتهدف هذه الاتحادات إلى تبادل الخبرة والتنسيق واقامة المشروعات وإبرام الصفقات وتعزيز التكامل والتعاون داخل كل قطاع وفيما بين القطاعات. وقد انضم إلى هذه الاتحادات أطراف من كافة الدول العربية ولم تقتصر على دول المجلس . ويبلغ مجموع هذه الاتحادات العاملة في نطاق مجلس  الوحدة الاقتصادية العربية حتى الآن   23 اتحادا"منها ثمانية تعمل  حاليا" في المجال الصناعي وهي:

1-    الاتحاد العربي للحديد والصلب ومقره مدينة الجزائر وتاريخ إنشائه 29/ 4 / 1971 .

2-    الاتحاد العربي للأسمدة ومقره مدينة القاهرة وتاريخ إنشائه 1/3/1975 .

3-    الاتحاد العربي للصناعات الهندسية ومقره مدينة بغداد وتاريخ إنشائه 4/6/1975 .

4-    الاتحاد العربي للصناعات الورقية والطباعة والتغليف ومقره مدينة بغداد وتاريخ إنشائه 7/6/1976.

5-    الاتحاد العربي للصناعات الغذائية ومقره مدينة بغداد وتاريخ إنشائه 7/10/1976

6-    الاتحاد العربي للإسمنت ومواد البناء ومقره مدينة دمشق وتاريخ إنشائه 27/3/1977.

7-    الاتحاد العربي لمنتجي الأدوية والمستلزمات الطبية ومقره مدينة عمان بالأردن وتاريخ إنشائه 21/6/1986 .

8-    الاتحاد العربي لصناعة الإطارات والمنتجات المطاطية ومقره مدينة الإسكندرية وتاريخ إنشائه 29/9/1994 .

تضمم هذه الاتحادات بشكل رئيسي الشركات المنتجة ذات الاختصاص من القطاعين العام والخاص وتهدف بشكل أساسي إلى مايلي:

–         التعاون والتنسيق في مجالات اختصاصاتها من ناحيتي تسويق المنتج وتوفير المواد الأولية .

–         تدعيم وتنشيط التبادل التجاري والتسويق بين أعضائها .

–         عقد اللقاءات الدورية بين الشركات الأعضاء للتنسيق وتبادل الخبرات والزيارات العلمية .

–         تزويد الشركات الأعضاء بالمعلومات والإحصائيات الفنية والاقتصادية .

–         توثيق العلاقات بين المنتج والمستهلك .

–   مساعدة الأعضاء على حل مشاكلهم وممارسة التحكيم بينهم في الأمور التي تدخل ضمن اختصاصاتها بطلب من الأعضاء .

–         التعاون مع الاتحادات والجمعيات  العلمية والمنظمات العربية والأجنبية المماثلة .

–         القيام بالدراسات الفنية وا لاقتصادية .

–   المعاونة في تنمية وتعريف المصطلحات والمواصفات الفنية المستخدمة و في وضع وتطبيق المواصفات العربية الموحدة   .

–         تدعيم القدرات التدريبية وتنمية المعرفة العلمية والتكنولوجية وإصدار المجلات والنشرات العلمية والإحصائية .

تقوم هذه الاتحادات بعقد مؤتمرات سنوية و ندوات ودورات تدريبية  في مجالات اختصاصها وتعتمد في تمويلها بشكل أساسي على اشتراكات أعضائها والعوائد الأخرى من الأنشطة التي تقوم بها . وتعتبر مشكلة التمويل وتسديد مساهمة الأعضاء من أهم المشاكل التي تحول دون قيام هذه الاتحادات بدورها كاتحادات منتجين على المستوى القومي .

ومن خلال استعراض أهداف هذه  الاتحادات ومقارنتها بأهداف وغايات المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين نجد تشابها"  وازدواجية بالعمل في عدة مجالات مثل الدراسات والتدريب والمعونة الفنية ونشر البيانات والإحصاءات والتنسيق في مجال الاختصاص الأمر الذي يتطلب وجود مستوى متقدم من التعاون والتنسيق بين هذه الاتحادات والمنظمة يكفل تلافي ازدواجية الأنشطة المشابهة وتحقيق التنسيق والتعاون من أجل رفع مردود  وكفاءة الأنشطة المشتركة واقتصادية استخدام الموارد المالية .

وفي هذا الإطار يقوم مجلس الوحدة الاقتصادية بعقد اجتماعات دورية تحت إشرافه لهذه الاتحادات تشارك في بعضها المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين  التي سبق لها أن عقدت خلال فترة عشر سنوات تقريبا" اجتماعين  فقط بينها وبين الاتحادات الصناعية للتعاون والتنسيق في تنفيذ الأنشطة والبرامج المشتركة ، كما تعقد في بعض الأحيان اجتماعات ثنائية مع هذا الاتحاد أو ذاك لمناقشة أمور التعاون الثنائي والذي ينحصر عادة في إجراء دراسة مشتركة أو إصدار نشرة إحصائية أو المشاركة الفنية في ندوة أو مؤتمر.

وبشكل عام يمكن القول أن التعاون والتنسيق بين الاتحادات الصناعية العربية النوعية  والمنظمة  العربية للتنمية الصناعية والتعدين ليس على المستوى المطلوب وان ما هو قائم فعلا" بين المنظمة وعدد محدود جدا" من هذه الاتحادات هو أقل من  الحدود الدنيا  وهو ينحصر عمليا" في تقاسم تكاليف بعض الأنشطة والفعاليات دون الوصول إلى مرحلة تنسيق وتكامل دور وأنشطة كل منها ،  و لا شك بأن ضعف الإمكانيات المالية والفنية  لكلا الطرفين هي العامل الأساسي في ضعف التنسيق والتعاون الموجود.

إن تطويرا" هاما" في تركيب المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين يسمح بإضافة ممثلين عن هذه الاتحادات إلى المجلس من شأنه أن يساهم في تطوير التعاون والتكامل بين الطرفين ويحد من الازدواجية ويؤكد دور هذه الاتحادات كأذرع فنية متخصصة للمنظمة وللعمل الصناعي العربي المشترك .

 

2-4-الشركات والمشاريع الصناعية العربية المشتركة:

2-4-1- الشركات القابضة المشتركة:

شهد العمل  الاقتصادي العربي المشترك في فترة  الوفرة التي تلت تعديل أسعار النفط  عام 1973 ظهور مبادرات لتأسيس  المشروعات العربية المشتركة ، حيث اتسمت هذه الفترة بتعزيز العمل العربي المشترك واتجاهه إلى التعاون في مجال الإنتاج من خلال صيغة عملية هي المشاريع العربية المشتركة لما تخلفه من روابط ومصالح مشتركة تدعم هذا التوجه . وقد بادر المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية  بتأسيس عدد من  هذه المشروعات مثل   ( شركة البوتاس العربية   و الشركة العربية للنقل البحري و الشركة العربية لمصايد الأسماك ) .  وأقر  في دورته الرابعة والثلاثين عام 1983 صيغة المشروعات العربية المشتركة لتعزيز الجهود العربية في الإنماء والتعاون والتكامل نظرا" لما توفره هذه الصيغة من مرونة ولأنها لا تتعارض مع الجهود والاتجاهات القطرية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى ولأنها يمكن أن تطبق في كافة فروع الاقتصاد القومي وأن تنتشر في أكبر عدد من البلدان العربية ، كما أنها تؤدي إلى تحقيق مصالح جميع الأطراف. وحدد  المجلس الاقتصادي والاجتماعي  معايير المشروعات العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي بما يلي:

1-أن يكون المشروع قادرا" على توفير حاجات الأقطار العربية .

2-أن تكون المشروعات ذات جدوى اقتصادية وان تحقق المنافع المتبادلة والمتوازنة لأطراف العلاقة .

3-أن تعتمد المشروعات في مستلزماتها على إنتاج المشروعات العربية .

4-أن تؤدي إلى فتح آفاق واسعة لتصنيع المواد الأولية .

و ترسخ هذا الاتجاه في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية  الذي قام بتأسيس أربع شركات قابضة  في حقبة السبعينات ، يبلغ إجمالي رؤوس أموالها حوالي 1500 مليون دولار هي :

الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية .

الشركة العربية للتعدين .

الشركة العربية للاستثمارات الصناعية .

الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية .

وقد تأسست هذه الشركات برؤوس أموال حكومية وانبثقت عنها عشرات الشركات برؤوس أموال عامة أو خاصة أو مختلطة . ولم تقتصر المساهمة في الشركات القابضة والفرعية  على الدول الأعضاء في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بل ساهمت فيها كافة الدول العربية  .

كما تم إنشاء  عدد من المشروعات المشتركة الأخرى  برؤوس أموال حكومية خارج نطاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية ( مثل الشركة العربية للاستثمار  الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي ..). إلى جانب ذلك أنشأت  الشركات القابضة مئات من الشركات العربية المشتركة التي تعمل في مختلف مجالات إنتاج السلع والخدمات برؤوس أموال حكومية أو خاصة أو مختلطة . ويقود مجلس الوحدة الاقتصادية الآن مبادرة لإنشاء جيل جديد من الشركات العربية المشتركة برؤوس أموال عربية خاصة بالكامل أو بمساهمات رمزية حكومية فقط .وتتناول الدراسات الحالية التي تتم في ( اللجنة التحضيرية لتأسيس الشركات العربية المشتركة ) بالمجلس إقامة أربع شركات قابضة مشتركة كبرى في مجالات التسويق ، التعبئة والتغليف ، التأجير التمويلي ،  النقل المتعدد الوسائط . وقد دخلت شركتان منهما مرحلة الترويج والتأسيس هما التسويق والتعبئة والتغليف.

عانت الشركات العربية القابضة  العاملة في إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية من صعوبات ومعوقات أثرت بشكل كبير على أدائها وكفاءتها الإنتاجية . وقد تمثلت هذه المصاعب حتى وقت  قريب وما تزال بالنسبة لعدد من الدول  بعدم ملائمة واستقرار ووضوح القوانين المنظمة للاستثمار، ، و عدم استقرار الظروف القانونية التي قامت في ظلها هذه المشاريع وكذلك نقص وضعف الخبرات الفنية والإدارية اللازمة لدراسة وتنفيذ وتشغيل هذه المشاريع ، و اختلال الهيكل التمويلي لها من حيث عدم كفاية  رأسمالها المدفوع واللجوء إلى المصارف للاقتراض وزيادة أعبائها المالية .  كما عانت من تدني نسبة الاستفادة من طاقاتها الإنتاجية القائمة والتي لم تتجاوز في كثير من الأحيان 50% . إضافة إلى صعوبات تسويقية تمثلت بصعوبة اختراق الأسواق العربية حيث لم تمنح منتجات هذه الشركات الأفضلية ولو لفترة أو بنسبة محددة لتعزيز قدرتها التنافسية أمام المنتجات الأجنبية المشابهة . يضاف إلى ذلك التباين الكبير بين تقديرات تكاليف المشروع وأسعار مدخلاته ومخرجاته وفترة تأسيسه  واليد العاملة اللازمة له بين ما  جاء في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع وما تحقق فعليا" بعد بدء التشغيل والاستثمار مما أثر على نتائجه المالية . كما لعبت مشاكل التسعير الإداري في عدد من الدول الأعضاء  بما فيها  تحديد قيمة العملة الوطنية مقابل القطع الأجنبي وكذلك  فرض رسوم وعوائد جديدة عليها وكذلك أسلوب اختيار وتكوين  وتبديل إدارات هذه المشاريع وقوانين العمل المعمول بها في البلد المضيف ، وكذلك العمالة الزائدة عن الحاجة من حيث العدد والنوعية اللازمة دورا" هاما" في إعاقة عمل هذه الشركات وانطلاقها.

إن تجربة الشركات القابضة تجربة غنية وجديرة بالدراسة والمتابعة بهدف تحسين وتطوير ظروف وإمكانيات هذه الشركات ومن هذا المنطلق  تبدو الحاجة ضرورية  لاجراء دراسة تشخيصية لكل من هذه الشركات من أجل وضع تصور متكامل لإعادة هيكلتها وتحسين كفاءتها الإنتاجية وحث الدول الأعضاء على الاهتمام بوضع الشركات التي توجد فيها وحسن اختيار ممثليها في مجالس إدارة هذه الشركات وترشيح الكفاءات الادارية والفنية الكفؤة لشغغل الوظائف فيها وكذلك التعامل مع منتجاتها .                                                                                                                                               

2-4-2- المشاريع الصناعية العربية المشتركة :

تبنى مركز التنمية الصناعية للدول العربية ومن بعده المنظمة العربية للتنمية الصناعية هذا التوجه فركز  مؤتمر التنمية الصناعية الخامس  على مجموعتين من الصناعات ، المجموعة الأولى وتضم  الصناعات الخاصة بتلبية الاحتياجات الأساسية والثانية الصناعات المحورية . وقد عزز  مؤتمر التنمية الصناعية السادس هذا التوجه حيث توصل إلى أن واقع التنمية الصناعية في الدول العربية يفرض حتمية العمل العربي الجماعي حيث يغدو الوطن العربي إطاراً واسعاً تتحرك فيه الفعاليات الإقتصادية المرتبطة بالتصنيع إستثماراً وإنتاجاً واستهلاكاً.وأن المدخل الإنتاجي هو المدخل الذي يجب ممارسته في العمل الجماعي العربي وفي هذا الإطار تتميز المشروعات العربية المشتركة والشركات العربية المتخصصة بأنها تمثل إطاراً تنظيمياً مرناً يتسع للعديد من الصيغ القانونية والتنظيمية على أن يراعى في اختيار المشروع الصناعي العربي المشترك توافر مجموعة من الخصائص من أهمها :

–          أن يفيد من وفورات الإنتاج الكبير.

–         أن تساهم في تمويله وإداراته أكثر من دولة .

–         أن يتم تسويق منتجاته في أكثر من دولة .

–         أن تكون  الجدوى الإقتصادية والفنية معياراً أساسياً لاختيار المشروعات المشتركة .

وفي ضوء هذه القرارات والتوجهات باشرت المنظمة  العربية للتنمية الصناعية في إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات العربية ذات الأولوية والترويج لإقامة المشروعات التي تثبت الدراسات جدوى إقامتها .حيث قامت  في حينه بإعداد سبعة دراسات قطاعية  على مستوى الوطن

العربي تغطي  الصناعات الغذائية،  الصناعات النسيجية ، صناعات مواد البناء والتشييد ، صناعات الحديد و الصلب،  صناعات السلع الرأسمالية ، الصناعات البتر وكيماوية ، صناعة الأسمدة الكيماوية. وقد أفرزت  هذه الدراسات عددا كبيراً من الفرص الاستثمارية في الفروع الصناعية المختلفة  ، حيث بلغ عدد الفرص الاستثمارية التي اقترحتها  هذه الدراسات 156 فرصة يمكن إعداد دراسات الجدوى الفنية و الإقتصادية لها والترويج لإقامتها كمشاريع عربية مشتركة.  وقد أعطى المؤتمر السادس للتنمية الصناعية  الأولوية لتنفيذ اثنين وعشرين مشروعاً وكلف المنظمة بإعداد دراسات الجدوى التفصيلية لها والشروع لإقامة المشاريع التي تثبت هذه الدراسات جدواها ، وهذه المشاريع هي :

–   محركات الديزل ذات السرعة العالية ، التصنيع الهندسي، البدالات ( المقاسم )  الهاتفية،الصلب المخصوص،  ألياف البولي إستر ، ألياف الأكريليك ، الأقطاب الغرافيتية، تصنيع قطع الغيار الخاصة بصناعة الحديد والصلب ، الغزول القطنية ، إنتاج الحراريات في الوطن العربي،  الألواح الزجاجية في المغرب ، الهياكل الهندسية الأساسية ،  إنتاج المواد العطرية ، إنتاج معدات توليد الكهرباء،  تصنيع قطع الغيار الخاصة بالصناعات النسيجية ، مكورات خام الحديد في موريتانيا،  صناعة الكساء،  الأسمدة المركبة في المغرب العربي ، تطوير صناعة الأسماك في موريتانيا، تطوير صناعة الأسماك في اليمن،  إقامة مجمع زراعي صناعي لإنتاج الزيوت النباتية ، إقامة مجمع زراعي صناعي لإنتاج الأعلاف المركزة .

–   وفي ضوء قرارات وتوجيهات مؤتمر التنمية الصناعية السادس وقرارات المجلس الوزاري للمنظمة ، بدأت المنظمة في إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات العربية ذات الأولوية والترويج لاقامة المشاريع التي تثبت الدراسات جدوى إقامتها وذلك بالتعاون مع الجهات العربية المعنية،  حيث بلغت قيمة التعاقدات لإنجاز خمسة عشرة دراسة حوالي 3.5 مليون دولار أمريكي بلغت نسبة مساهمة المنظمة فيها حوالي 1.3 مليون دولار بينما ساهمت الجهات العربية الأخرى

( صناديق تمويل ومنظمات أخرى) بالباقي .

 

لم تتمكن المنظمة من الدخول في تنفيذ الدراسات الأربع المتعلقة بمشاريع الأمن الغذائي لارتباطها بفريق عمل الأمن الغذائي بالجامعة العربية وهذه المشاريع هي: ( تصنيع الأسماك في موريتانيا وتصنيع الأسماك في اليمن وتصنيع الزيوت النباتية والأعلاف المركزة في السودان ).  و لم تباشر بتنفيذ دراسة مشروع الأسمدة المركبة في المغرب العربي لوجود طاقات قائمة تغطي احتياجاته  ، كما اصطدمت في دراسات أخرى مع الاستشاريين وبيوت الخبرة الأجنبية سواء من حيث الالتزام بطلباتها أو في مجال الموافقة على نقل  التكنولوجيا .أما فيما يتعلق بنتائج الترويج للمشروعات الصناعية العربية المشتركة الأخرى فقد تمت إقامة أربعة مشاريع هي:

1-مشروع الصلب المخصوص في مصر .

2-البدالات ( المقاسم ) الهاتفية في مصر .

3-البدالات  ( المقاسم ) الهاتفية في الجزائر .

4-مشروع ألياف البولي استر في المملكة العربية السعودية.

وهناك عدد غير قليل من المشاريع الأخرى انتهت دراساتها وهي قيد الترويج مثل الغزول القطنية في السودان والدرافيل في تونس ومشروع الأقطاب الغرافيتية و  محركات الديزل في مصر  ومشروع مكورات الحديد في موريتانيا إلا أن جهود ترويج هذه المشاريع لم تثمر حتى الآن .

 

     يتضح من العرض السابق بأن الترويج للمشروعات الصناعية العربية المشتركة بالرغم من بعض النجاح الذي حققه إلا إنه جابه جملة من المعوقات والصعوبات الكبيرة  من أهمها  :

1- عدم ملائمة مناخ الاستثمار الذي كان سائدا" في المنطقة العربية بوجه عام مما انعكس سلباً على تدفق رؤوس الأموال العربية للاستثمار في الوطن العربي  . وقد أظهرت التجربة بأن تحسن مناخ الاستثمار في دول معينة أثر في توجه رأسمال العربي لهذه الدول مما ساعد على إقامة بعض المشروعات العربية الصناعية فيها.

2- عدم توفر التمويل اللازم لتنفيذ  هذه المشروعات وخاصة من  القطع الأجنبي .

3- ظهور الأزمة الإقتصادية الدولية وركود النشاط  الاستثماري العام بعد انخفاض أسعار النفط وتدني موارد الدول العربية النفطية وبالتالي تقليص بعض هذه الدول لاستثماراتها في كافة القطاعات ومنها قطاع الصناعة.

4-إحجام بعض الجهات الاستثمارية  وشركات القطاع الخاص عن المساهمة في المشروعات العربية المشتركة وعدم قبول المخاطر في مشروعات الصناعات الثقيلة أو الصناعات المغذية لها  ذات الاستثمارات العالية نسبياً بالرغم من ثبوت جدواها.

5-قيام  أغلب الشركات العربية القابضة بوضع  قواعد مالية واقتصادية وإدارية محافظة لنشاطها وتحديد مجالات عملها ونشاطها بصيغ تؤدي في كثير من الحالات إلى التردد والتخوف من المساهمة في المشروعات المشتركة .

6-تأثر عملية الاستثمار و الترويج للمشروعات العربية المشتركة  بالعلاقات بين الدول العربية  التي اتسمت خلال الفترة السابقة بالتوتر وعدم الاستقرار.

7-قيام  بعض الدول العربية بإنشاء مشاريع قطرية بدلاً من الدخول في مشروعات عربية مشتركة يتعثر الاتفاق حولها وتحتاج إلى وقت أطول لقيامها  مما قد يعيق أو يؤجل اتخاذ قرار الاستثمار وإنشاء المشروعات الصناعية العربية المشتركة .

8-الأثر السلبي للمشاكل المتعلقة بالرقابة على النقد وإجراءات وقيود التحويلات والتقلبات في أسعار صرف بعض العملات والتعامل بالقطع الأجنبي عموماً . وكانت هذه النقطة مثار جدل في اجتماعات الترويج التي عقدتها  المنظمة وكذلك عند مناقشة دراسات الجدوى للمشروعات الصناعية العربية المشتركة .

9-عدم توفر الموارد المالية  والسيولة اللازمة لعملية الترويج لدى المنظمة مما وضع قيداً على إمكانية قيامها  بالنشاط الترويجي ووضع سياسة ثابتة للتحرك في عملية الترويج التي تتطلب الاتصالات المباشرة بكافة الأطراف ذات العلاقة بالترويج سواء على مستوى الدول و القطاع العام والخاص والشركات و المؤسسات والبنوك والصناديق العاملة في مجال الاستثمار والإقراض للمشروعات . كما أن  الظروف التي مرت بها المنطقة العربية وانتقال المنظمة قد أدت إلى  تجميد نشاطها  في هذا المجال لفترة غير قصيرة.

تجدر الإشارة إلى أن معظم دراسات الجدوى  والتي تكلفت حوالي 3.5 مليون دولار قد أنجزت خلال الفترة 1984-1986 بمعنى أنه لابد من تحديث هذه الدراسات التي قد يكون القسم الأساسي منها وهو الجانب التكنولوجي قد أصبح قديما" ، إضافة إلى أن  التغيرات الاقتصادية التي شهدتها معظم الأقطار العربية من شأنها أن تؤثر على الجوانب الاقتصادية والمالية للدراسة . 

 

 

يلاحظ مما ورد أعلاه بأن معظم مؤسسات العمل العربي المشترك التي  تأسست في الستينات قد بدأت ومارست نشاطها في السبعينات وساعدها في ذلك الظروف التي رافقت تعديل أسعار النفط بعد حرب تشرين ويمكن وصف هذه الفترة بأنها الفترة الذهبية للعمل العربي المشترك . وقد توجت هذه الفترة بقرارات  مؤتمر القمة العربي الحادي عشر  عام 1980  الذي أقر عددا" من الوثائق الاستراتيجية التي تخص العمل العربي المشترك

 وهي :

1-    وثيقة استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك .

2-    ميثاق العمل الاقتصادي القومي .

3-    عقد التنمية العربية المشتركة .

4-    الاتفاقية  العربية الموحدة للاستثمار.

إلا أن الظروف  والمشاكل التي مرت بالمنطقة العربية بعد هذه القمة (حرب الخليج الأولى أحداث لبنان _ تراجع أسعار النفط )أثرت بشكل وضح على العمل العربي المشترك وأبعدت العديد من مؤسساته عن أهدافها وتعطلت أعمالها كليا" أو جزئيا" . وفي ظل هذه الظروف غير المؤاتية للعمل الاقتصادي العربي المشترك ، ساد توجه آخر في العمل الاقتصادي العربي وهو التعاون شبه الإقليمي

( متعدد الأطراف ) الذي ركز كبداية على التعاون الاقتصادي كخطوة أولى نحو تحقيق التكامل بين الأقطار المنضوية تحت لوائه .وفي هذا الإطار تم تشكيل مجلس التعاون الخليجي عام 1981 واتحاد المغرب العربي عام 1989 ومجلس التعاون العربي عام 1989 . إلا أن الظروف التي شهدتها المنطقة العربية خلال التسعينات وكذلك التغيرات الإقليمية والدولية ساهمت بشكل بارز في إعادة الاعتبار للعمل العربي المشترك كخيار مصيري من أجل مجابهة التحديات التي تواجهها البلدان العربية فرادى وجماعة على المستويين الإقليمي والدولي وضرورة التكيف معها للحد من آثارها السلبية وتعظيم الفوائد منها .

3- الخلاصة والاستنتاجات :

على الرغم من التحرك المبكر نسبيا" للعمل العربي المشترك في المجال الصناعي من حيث إحداث المؤسسات  والمشاريع والشركات المشتركة إلا أن  فعالية هذه الجهات والنتائج العملية التي حققتها حتى الآن مازالت في الحدود التي لا ترقى إلى مستوى الطموح والأهداف المحددة لها . ويعود ذلك إلى الأسباب العامة  التي  حكمت مسيرة ونتائج العمل العربي المشترك خلال الفترة المنصرمة بشكل عام إضافة إلى الأسباب الخاصة بالنشاط الصناعي والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:

1-إعطاء العمل العربي  في مجال المشاريع المشتركة  الطابع الرسمي الحكومي وابتعاد القطاع الخاص عن المشاركة به ، وعدم طرح هذه المشاريع  على المستوى الشعبي من أجل الاكتتاب العام الأمر الذي حرم هذه المشاريع من التمويل الكافي والواسع وكذلك القاعدة الجماهيرية التي يمكن أن تشكل قوة ضاغطة من أجل دعم وتطوير مثل هذه المشاريع .

2-إقامة  مؤسسات واتحادات وشركات قابضة دون أن يتوفر لها الإمكانيات المالية والمادية والإدارية  والتنظيمية الكفيلة بنجاحها وعدم تطبيق أسس موضوعية في اختيار المسؤولين والعاملين في هذه المؤسسات وأسلوب الرقابة عليها وكذلك ممثلي هذه الدول في مجالسها التشريعية وهيئاتها العمومية  الأمر الذي أدى إلى تدني مستوى أداء هذه المؤسسات ومحدوديته  .

3-اهتمام الشركات الاستثمارية العربية بالاستثمارات المالية في البنوك وعدم إقدامها على الاستثمار بالمشاريع العربية المشتركة  استسهالا" للأمور وتجنبا" للمخاطر  حيث  شكل  هذا التوجه خروجا" عن الأهداف والغايات الاستراتيجية التي أحدثت هذه الشركات من أجلها إضافة إلى عدم قيام صناديق التمويل القطرية والقومية والشركات الاستثمارية  القابضة المشتركة  بإعطاء الأفضلية في التمويل للمشاريع الصناعية العربية المشتركة.

4-تراجع اهتمام ودعم  بعض الدول العربية التي انضوت تحت لواء  تجمعات تحت إقليمية  بالعمل العربي المشترك إلى أدنى الحدود وتركيز اهتماماتها ودعمها  لصالح هذه التجمعات.

5-عدم الاهتمام الكافي بدراسات الجدوى الفنية وا لاقتصادية للمشاريع المشتركة والتدقيق بالبرنامج الزمن لتنفيذها وتشغيلها وتوفير مستلزمات إنتاجها و اختيار الكوادر الفنية والإدارية المناسبة .

6-ضعف الاهتمام والرعاية اللازمة  للمشاريع العربية المشتركة من قبل الجهات العربية المختصة  في الدول المضيفة للمشاريع المشتركة والدول العربية الأخرى من حيث الحماية وإعطاء الأفضلية في  المزايا والشراء.

7-عدم  توفر آلية لدى  هذه المؤسسات لإقناع أو إلزام الجهات العربية المختصة بما تراه أو تقرره مجالسها الوصائية  رغم كون  هذه المجالس  تضم ممثلين عن هذه البلدان.

8-محدودية وقصور نتائج إعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك وبشكل خاص العاملة في المجال الصناعي في تحقيق الأهداف التي كانت وراء تبرير هذه العملية  والتي كان من أهمها إيجاد مؤسسات فعالة ذات بنية تنظيمية وادارية قادرة على تحقيق الأهداف والغايات المحددة لها بكفاءة .

 

أخيرا" لابد من الإشارة إلى أن التحديات الإقليمية والدولية الراهنة  التي فرضت على الدول العربية مواجهة متعددة الجوانب والمجالات تمس وجودها ومواردها وثقافتها ومستقبلها تتطلب مراجعة نقدية شاملة لكل ما تم خلال الفترة المنصرمة وتقييمه بشكل موضوعي تمهيدا" لاستخلاص دروسه وعبره وتحديد الأسلوب الأكثر فعالية من أجل مواجهة هذه التحديات وتجنب آثارها السلبية بعد أن تأكد لهذه الدول  استحالة نجاح  المواجهة القطرية المنفردة وتواضع ما حققته إنجازات التنمية القطرية المحدودة والمنفردة وهشاشتها  في الصمود أمام المخاطر القادمة التي ستجتاح كل ماتم إنجازه في هذا المجال ، والعودة مجددا" إلى البعد  القومي الجماعي الكفيل بالحماية وتوفير مقومات النجاح في التكيف الايجابي مع هذه التحديات وتعظيم الجوانب الإيجابية منها .

لقد شهدت الدول العربية خلال السنوات العشر السابقة وبتأثير مجمل الأوضاع والتحولات الدولية تغييرات هامة في توجهاتها الاقتصادية باتجاه التحرير والانفتاح وتشجيع  الاستثمارات ،  الأمر الذي وفر أرضية أفضل للعمل العربي المشترك ومهد الطريق لتجاوز العديد من المصاعب والعقبات التنظيمية والتشريعية وغيرها من مستلزمات تحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية . كما أن بدء تنفيذ منطقة التجارة الحرة  العربية الكبرى اعتبارا" من عام 1998 على الرغم من  تأخرها وطول الفترة المحددة لإنجازها وهي عشر سنوات تشكل الحد الأدنى المتاح والممكن في ظل الظروف الحالية والخطوة الأولية  لمواجهة هذه التحديات .

إن ركاما" كبيرا" من الدراسات والقرارات والتوجيهات في مجال التنسيق والتكامل الاقتصادي العربي بحاجة اليوم إلى الإفراج عنه من الأضابير والدروج وإعادة دراسته ومراجعته في ضوء الأوضاع القائمة محليا" وعربيا" وعالميا" وتجربة ودروس الفترة المنصرمة من أجل التوصل إلى الصيغة العملية الكفيلة بتجاوز سلبيات الفترة السابقة وتدارك ما فات.

وبعيدا" عن تكرار العديد من التوصيات التي قدمت وتقدم في هذا المجال والتي من شأنها أن تغطي مجمل العمل العربي المشترك ، تحاول المقترحات التالية تناول ما يتعلق بتفعيل دور مؤسسات العمل العربي المشترك في المجال الصناعي:

1-ضرورة مراجعة نتائج إعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك في المجال الصناعي  في ضوء  تجربة ودروس السنوات العشر من التطبيق العملي لاعادة الهيكلة وتجاوز المشاكل والصعوبات التي أدت إليها هذه العملية .

2-إعادة النظر بالتوجهات الحالية في ترويج المشاريع المقترحة للتعاون العربي بحيث تقوم قدر الإمكان على مبدأ توزيع العمل والترابط الإنتاجي من خلال إنتاج المكونات وبما يكفل تقديم هذه المشاريع كحزمة متكاملة تراعي قدر الإمكان مختلف الظروف في البلدان العربية .

3-التدقيق في دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية وعدم المباشرة بها ألا بعد ثبوت جدواها الأولية وتوفير الجهات الممولة للمشروع وتجنب التأخر في التنفيذ حرصا" على اقتصادية المشروع وموثوقية دراسته.

4-إعداد دراسات تشخيصية للشركات الصناعية العربية المشتركة  القائمة تمهيدا" لوضع تصور متكامل لاعادة هيكلتها وتحسين كفاءتها الإنتاجية وإعطاء الاهتمام اللازم عند اختيار ممثلي هذه الدول في مجالس إدارتها وترشيح الكفاءات الفنية والإدارية الكفؤة لشغل الوظائف فيها .

 5-إدماج الجماهير العربية بشكل عملي ومباشر بالعمل العربي المشترك من خلال  المساهمة بالشركات العربية المشتركة وذلك من أجل إخراج هذا العمل من الإطار الرسمي الحكومي وتوفير امتداد وقاعدة شعبية له بين المواطنين العرب في مختلف أقطارهم تساهم في حمايته ودفعه وتطويره  .

6-تعديل تكوين المجالس الوزارية والتنفيذية والجمعيات العامة  لمؤسسات العمل العربي المشترك العاملة في المجال الصناعي من أجل  إفساح المجال أمام  القطاع الخاص  ( اتحادات صناعية ، غرف صناعة ، شركات قابضة ..) للمساهمة في وضع وتنفيذ وتمويل برامجها وأنشطتها و تحقيق التنسيق والتكامل فيما بينها  .

7-دعوة صناديق التنمية القومية والقطرية والشركات الاستثمارية التمويلية لإعطاء الأفضلية في المساهمة والتمويل للمشاريع الصناعية العربية المشتركة .

8-إعطاء وتوفير الرعاية والحماية اللازمة من قبل الجهات العربية المختصة للمشاريع العربية المشتركة من حيث منح الأفضلية في الشراء وعلى الأقل لفترة محددة ريثما تستطيع هذه الجهات تعزيز وجودها وقدرتها التنافسية .

9-تعزيز دور المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين كبيت خبرة في مجال اختصاصاتها واستمرارها في إعداد ملفات مشاريع للفرص الاستثمارية لترويجها كمشروعات عربية مشتركة والانتقال إلى مرحلة إعداد دراسات الجدوى التفصيلية فقط عند تبني جهة أو جهات استثمارية لتمويل المشروع بشكل جدي .

 

                                        مراجع الدراسة

–    تجربة المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين في الترويج للمشروعات العربية المشتركة -المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين1995.

–         اتفاقية إنشاء المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين والنظام الداخلي لمجلسها الوزاري والتنفيذي.

–     تقارير إنجاز المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين للأعوام 1992-1993-1994-1995    مكتب التخطيط والمتابعة بالمنظمة .

–         التقرير النهائي للمؤتمر الثامن للتنمية الصناعية -المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين 1998.

–         مجلة التنمية الصناعية -المنظمة العربية للتنمية الصناعية   أعداد متفرقة .

–         دراسة حول تجربة مؤتمرات التنمية الصناعية للدول العربية  -المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين 1994.

–         تقارير المجلس التنفيذي عن أعماله للأعوام 1992-1998   المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين. .

 -تقرير عن أداء المنظمة العربية للتنمية الصناعية 1969-1987   المنظمة العربية للتنمية الصناعية.

  -الكتاب التعريفي للاتحادات العربية النوعية المتخصصة العاملة في إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية

( مشروع ) مجلس الوحدة الاقتصادية العربية 1996 .

–    ورقة عمل عن تجربة الشركة العربية للتعدين في إقامة المشروعات المشتركة – المؤتمر السابع للتنمية الصناعية للدول العربية .

–    ورقة عمل عن تجربة الشركة العربية للاستثمارات الصناعية  في إقامة المشروعات المشتركة – المؤتمر السابع للتنمية الصناعية للدول العربية .

–         ورقة عمل عن تجربة شركة أكديما في إقامة المشروعات المشتركة  –  المؤتمر السابع للتنمية الصناعية للدول العربية.

–    تمويل المشروعات العربية المشتركة -المنظمة العربية للتنمية الصناعية- المؤتمر السابع للتنمية الصناعية للدول العربية .

–     د. فؤاد مرسي الانماء التكاملي العربي الواقع والصعوبات –  مجلة الوحدة الاقتصادية العربية     مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عدد كانون ثاني 1990 .

–         د. محمد محمود الامام العمل العربي المشترك مراجعة نقدية نفس المرجع السابق .

–    حسن ابراهيم مستقبل العلاقات العربية العربية   – مجلة الوحدة الاقتصادية العربية      – مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عدد نيسان  1998 .

–         د. سميح مسعود برقاوي  المشروعات العربية المشتركة  الواقع والآفاق مركز دراسات الوحدة العربية 1988 .